لام الابتداء اجتلبت للفرق ، وبه قال ابن أبى العافية ، وقال الأخفش الصغير :إنما هى لام الابتداء أدخلت للفرق ، وبه قال ابن الأخضر (١).
* * *
والفعل إن لم يك ناسخا فلا |
|
تلفيه غالبا بإن ذى موصلا (٢) |
__________________
(١) قد علمت فيما مضى أن لام الابتداء لا تدخل إلا على المبتدأ ، أو على ما أصله المبتدأ ، وأنها تدخل فى باب إن على الخبر أو معموله أو ضمير الفصل ، وعلمت أيضا أنها لا تدخل على خبر إن إلا إذا كان مثبتا متأخرا غير ماض متصرف خال من قد ، ولو أنك نظرت فى شواهد هذه المسألة لوجدت هذه اللام الفارقة بين «إن» النافية والمخففة من الثقيلة تدخل على مفعول ليس أصله مبتدأ ولا خبرا كما فى قول عاتكة بنت زيد بن عمرو ، وسيأتى شرحه :
شلّت يمينك إن قتلت لمسلما |
|
حلّت عليك عقوبة المتعمّد |
وهو الشاهد رقم ١٠٤ ويأتى قريبا جدا
وتدخل على الماضى المتصرف الذى لم يسبقه «قد» نحو قولك : إن زيد لقام ، وتدخل على المنصوب المؤخر عن ناصبه نحو قوله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) فلما كان شأن اللام التى تدخل لأجل الفرق بين المخففة المؤكدة والنافية غير شأن لام الابتداء كان القول بأن إحداهما غير الأخرى أصح نظرا وأقوم حجة ؛ فمذهب أبى على الفارسى الذى أخذ به ابن أبى العافية مذهب مستقيم فى غاية الاستقامة.
(٢) «والفعل» مبتدأ «إن» شرطية «لم» حرف نفى وجزم وقلب «يك» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم ، وهو فعل الشرط ، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الفعل «ناسخا» خبر يك «فلا» الفاء لربط الجواب بالشرط ، ولا : نافية «تلفيه» تلفى : فعل مضارع ، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ، والهاء مفعول أول لتلفى ، والجملة من الفعل والفاعل فى محل رفع خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : فأنت لا تلفيه ، وجملة المبتدأ والخبر فى محل جزم جواب الشرط «غالبا» حال من الهاء فى «تلفيه» السابق «بإن» جار ومجرور متعلق بقوله «موصلا» الآتى «ذى» نعت لإن «موصلا» مفعول ثان لتلفى.