إذا وقع خبر «أن» المخففة جملة اسمية لم يحتج إلى فاصل ؛ فتقول : «علمت أن زيد قائم» من غير حرف فاصل بين «أن» وخبرها ، إلا إذا قصد النفى ؛ فيفصل بينهما بحرف [النفى] كقوله تعالى : (وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
وإن وقع خبرها جملة فعلية ، فلا يخلو : إما أن يكون الفعل متصرّفا ، أو غير متصرف ، فإن كان غير متصرف لم يؤت بفاصل ، نحو قوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) وقوله تعالى : (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) وإن كان متصرفا ، فلا يخلو : إما أن يكون دعاء ، أولا ، فإن كان دعاء لم يفصل ، كقوله تعالى : (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) فى قراءة من قرأ (غَضَبَ) بصيغة الماضى ، وإن لم يكن دعاء فقال قوم : يجب أن يفصل بينهما إلا قليلا ، وقالت فرقة منهم المصنف : يجوز الفصل وتركه (١) والأحسن الفصل ، والفاصل
__________________
(١) مما ورد فيه الخبر جملة فعلية فعلها متصرف غير دعاء ولم يفصل بفاصل من هذه الفواصل ـ سوى ما سينشده الشارح ـ قول النابغة الذبيانى :
فلمّا رأى أن ثمّر الله ما له |
|
وأثّل موجودا وسدّ مفاقره |
أكبّ على فأس يحدّ غرابها |
|
مذكّرة من المعاول باتره |
فأن : مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف ، وثمر : فعل ماض ، والله : فاعل ، ومال : مفعول به لثمر ، ومال مضاف وضمير الغائب مضاف إليه ، وجملة الفعل الماضى وفاعله فى محل رفع خبر أن ، وهذا الفعل : ماض متصرف غير دعاء ولم يفصل وممن قال بوجوب الفصل الفراء وابن الأنبارى.
وقد اختلف العلماء فى السبب الذى دعا إلى هذا الفصل ؛ فذهب الجمهور إلى أن هذا الفصل يكون للتفرقة بين أن المخففة من الثقيلة وأن المصدرية.
وعلى هذا ينبغى أن يقسم الفصل إلى قسمين : واجب ، وغير واجب ، فيجب إذا كان الموضع يحتملهما ، ولا يجب إذا كان مما تتعين فيه إحداهما كما فيما بعد العلم غير المؤول