أى : «وكأن قد زالت» فاسم «كأن» فى هذه الأمثلة محذوف ، وهو ضمير الشأن ، والتقدير «كأنه زيد قائم ، وكأنه لم تغن بالأمس ، وكأنه قد زالت» والجملة التى بعدها خبر عنها ، وهذا معنى قوله : «فنوى منصوبها» وأشار بقوله «وثابتا أيضا روى» إلى أنه قد روى إثبات منصوبها ، ولكنه قليل ، ومنه قوله :
(١٠٨) ـ
وصدر مشرق النّحر |
|
كأن ثدييه حقّان |
__________________
١٠٨ ـ هذا الشاهد أحد الأبيات التى استشهد بها سيبويه (ج ١ ص ٢٨١) ولم بنسبوها.
اللغة : «وصدر» قد روى سيبويه فى مكان هذه الكلمة «ووجه» وروى غيره فى مكانها «ونحر» وعلى هاتين الروايتين تكون الهاء فى قوله «ثدييه» عائدة إلى «وجه» أو «نحر» بتقدير مضاف ، وأصل الكلام : كأن ثديى صاحبه ، فحذف المضاف ـ وهو الصاحب وأقام المضاف إليه مقامه «مشرق اللون» مضىء لأنه ناصع البياض ، وهذا هو الثابت ، وقد رواه الشارح كما ترى «حقان» تثنية حقة ، وحذفت التاء التى فى المفرد من التثنية كما حذفت فى تثنية «خصية ، وألية» فقالوا : حصيان ، وأليان ، هكذا قالوا ، وليس هذا الكلام بشىء ، بل حقان تثنية حق ـ بضم الحاء وبدون تاء ـ وقد ورد فى فصيح شعر العرب بغير تاء ، ومن ذلك قول عمرو بن كلثوم التغلبى :
وصدرا مثل حقّ العاج رخصا |
|
حصانا من أكفّ اللامسينا |
والعرب تشبه الثديين بحق العاج كما فى بيت الشاهد وكما فى بيت عمرو ، ووجه التشبيه أنهما مكتنزان ناهدان.
الإعراب : «وصدر» بعضهم يرويه بالرفع فهو مبتدأ خبره محذوف ، والتقدير : ولها صدر ، والأكثرون على روايته بالجر ؛ فالواو واو رب ، وصدر : مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد «مشرق» صفة لصدر ، ومشرق مضاف و «اللون» مضاف إليه «كأن» مخففة من الثقيلة «ثدييه» ثديى : اسمها ، وثديى مضاف والضمير مضاف إليه