فـ «ثدييه» اسم كأن ، وهو منصوب بالياء لأنه مثنى ، و «حقّان» خبر كأن ، وروى «كأن ثدياه حقّان» فيكون اسم «كأن» محذوفا وهو ضمير الشأن ، والتقدير «كأنه ثدياه حقّان» و «ثدياه حقّان» : مبتدأ وخبر فى موضع رفع خبر كأن ، ويحتمل أن يكون «ثدياه» اسم «كأن» وجاء بالألف على لغة من يجعل المثنى بالألف فى الأحوال كلها.
* * *
__________________
«حقان» خبر كأن ، ومن روى «ثدياه حقان» وهى الرواية التى أنشدنا البيت عليها فى تعليقة سبقت قريبا (ص ٣٩٠) فهى جملة من مبتدأ وخبر فى محل رفع خبر كأن ، واسمها محذوف ، والتقدير : كأنه ـ أى الحال والشأن ـ ثدياه حقان ، وجملة كأن واسمها وخبرها فى محل رفع خبر المبتدأ ، وقد ذكر الشارح ـ رحمه الله! ـ الروايتين جميعا ، وبين وجه كل واحدة منهما بما لا يخرج عما ذكرناه.
الشاهد فيه : قوله «كأن ثدييه حقان» حيث روى بنصب «ثدييه» بالياء المفتوح ما قبلها : على أنه اسم «كأن» المخففة من الثقيلة ، وهذا قليل ، بالنظر إلى حذف اسمها ومجىء خبرها جملة ، ولهذا يروى برفع ثدييه على ما ذكرناه فى إعراب البيت ؛ فيكون البيت على هذه الرواية جاريا على الكثير الغالب.
ولا داعى لما أجازه الشارح على رواية «كأن ثدياه» من أن يكون «ثدياه» اسم كأن أتى به الشاعر على لغة من يلزم المثنى الألف ؛ فإن فى ذلك شيئين كل واحد منهما خلاف الأصل ، أحدهما : أن مجىء المثنى فى الأحوال كلها بالألف لغة مهجورة قديمة لبعض العرب. ثانيهما : أن فيه حمل البيت على القليل النادر ـ وهو ذكر اسم كأن ـ مع إمكان حمله على الكثير المشهور ، والذى يتعين على المعربين ألا يحملوا الكلام على وجه ضعيف متى أمكن حمله على وجه صحيح راجح.