الثالث : الرفع ، وفيه ثلاثة أوجه ؛ الأول : أن يكون معطوفا على محل «لا» واسمها ؛ لأنهما فى موضع رفع بالابتداء عند سيبويه ، وحينئذ تكون «لا» زائدة ، الثانى : أن تكون «لا» الثانية عملت عمل «ليس» ، الثالث : أن يكون مرفوعا بالابتداء ، وليس للاعمل فيه ، وذلك نحو «لا حول ولا قوّة إلا بالله» ومنه قوله :
(١١١) ـ
هذا ـ لعمركم ـ الصّغار بعينه |
|
لا أمّ لى ـ إن كان ذاك ـ ولا أب |
__________________
الشاهد فيه : قوله «ولا خلة» حيث نصب على تقدير أن تكون «لا» زائدة للتأكيد ، ويكون «خلة» معطوفا بالواو على محل اسم «لا» ـ وهو قوله «نسب» ـ عطف مفرد على مفرد ، وهذا هو الذى حمله الشارح ـ تبعا لجمهور النحاة ـ عليه.
وقال يونس بن حبيب : إن «خلة» مبنى على الفتح فى محل نصب ، ولكنه نونه للضرورة ، وبناؤه على الفتح عنده على أن «لا» الثانية عاملة عمل «إن» مثل الأولى ، وخبرها محذوف يرشد إليه خبر الأولى ، والتقدير «ولا خلة اليوم» والواو قد عطفت جملة «لا» الثانية مع اسمها وخبرها على جملة لا الأولى ، وهو كلام لا متمسك له ، بل يجب ألا يحمل عليه الكلام ؛ لأن الحمل على وجه يستتبع الضرورة لا يجوز متى أمكن الحمل على وجه سائغ لا ضرورة معه.
وقال الزمخشرى فى مفصله : إن «خلة» منصوب بفعل مضمر ، وليس معطوفا على لفظ اسم لا ، ولا على محله ، والتقدير عنده : لا نسب اليوم ولا تذكر خلة ، وهو تكلف لا مقتضى له ، ويلزم عليه عطف الجملة الفعلية على الجملة الاسمية ، والأفضل فى العطف توافق الجملة المعطوفة مع الجملة المعطوف عليها فى الفعلية والاسمية ونحوهما.
١١١ ـ اختلف العلماء فى نسبة هذا البيت ، فقيل : هو لرجل من مدحج ، وكذلك نسبوه فى كتاب سيبويه ، وقال أبو رياش : هو لهمام بن مرة أخى جساس بن مرة قاتل كليب ، وقال ابن الأعرابى : هو لرجل من بنى عبد مناف ، وقال الحاتمى : هو لابن أحمر ، وقال الأصفهانى : هو لضمرة بن ضمرة ، وقال بعضهم : إنه من الشعر القديم جدا ، ولا يعرف له قائل.