إذا بنى الفعل المتعدّى إلى مفعولين لما لم يسمّ فاعله : فإما أن يكون من باب «أعطى» ، أو من باب «ظنّ (١)» ؛ فإن كان من باب «أعطى» ـ وهو المراد بهذا البيت ـ فذكر المصنف أنه يجوز إقامة الأول منهما وكذلك الثانى ، بالاتفاق ؛ فتقول : «كسى زيد جبّة ، وأعطى عمرو درهما» ، وإن شئت أقمت الثانى ؛ فنقول : «أعطى عمرا درهم ، وكسى زيدا جبة».
هذا إن لم يحصل لبس بإقامة الثانى ، فإذا حصل لبس وجب إقامة الأول ، [وذلك نحو «أعطيت زيدا عمرا» فتتعين إقامة الأول] فتقول : «أعطى زيد عمرا» ولا يجوز إقامة الثانى حينئذ : لئلا يحصل لبس ؛ لأن كل واحد منهما يصلح أن يكون آخذا ، بخلاف الأول.
ونقل المصنف الاتفاق على أن الثانى من هذا الباب يجوز إقامته عند أمن
__________________
(١) قد ينصب فعل من الأفعال مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر. نحو ظننت زيدا قائما وعلمت أخاك مسافرا ، ولا ينصب المفعولين اللذين أصلهما المبتدأ والخبر إلا ظن وأخواتها. وهذا هو مراد الشارح هنا بقوله «باب ظن» ، ومراد الناظم بقوله «فى باب ظن وأرى» لأن «أرى» تنصب ثلاثة مفاعيل : أصل الثانى والثالث منها مبتدأ وخبر ، على ما علمت.
وقد ينصب فعل من الأفعال مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وهذا النوع على ضربين ؛ لأن نصبه لأحد هذين المفعولين إما أن يكون على نزع الخافض ، كما فى قولك : اخترت الرجال محمدا ، وكما فى قوله تعالى : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً) الأصل اخترت من الرجال محمدا ، واختار موسى من قومه سبعين رجلا ، وإما أن يكون نصبه للمفعولين لأنه من طبيعته متعد إلى اثنين. وذلك نحو قولك : منحت الفقير درهما ، وأعطيت إبراهيم دينارا ، وكسوت محمدا جبة.
وهذا الضرب الأخير هو مراد الناظم والشارح بباب كسا ، فهو : كل فعل تعدى إلى مفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر ، وكان تعديه إليهما بنفسه ، لا بواسطة حذف حرف الجر من أحدهما وإيصال الفعل إلى المجرور.