وأكرمت زيدا» فكلّ واحد من «ضربت» و «أكرمت» يطلب «زيدا» بالمفعولية ، وهذا معنى قوله : «إن عاملان ـ إلى آخره».
وقوله : «قبل» معناه أن العاملين يكونان قبل المعمول كما مثّلنا ، ومقتضاه أنه لو تأخّر العاملان لم تكن المسألة من باب التنازع.
وقوله : «فللواحد منهما العمل» معناه أن أحد العاملين يعمل فى ذلك الاسم الظاهر ، والآخر يهمل عنه ويعمل فى ضميره ، كما سيذكره.
__________________
فليس كل واحد من «أتاك أتاك» موجها إلى قوله «اللاحقون» ؛ إذ لو توجه كل واحد إليه لقال : أتوك أتاك اللاحقون ، أو لقال : أتاك أتوك اللاحقون ، بل المتوجه إليه منهما هو الأول ، والثانى تأكيد له ، وخرج قول امرىء القيس بن حجر الكندى
ولو أنّ ما أسعى لأدنى معيشة |
|
كفانى ، ولم أطلب ، قليل من المال |
وذلك لأن كلا من «كفانى» و «لم أطلب» ليس متوجها إلى قوله «من المال» إذ لو كان كل منهما متوجها إلى لصار حاصل المعنى : كفانى قليل من المال ولم أطلب هذا القليل ، وكيف يصح ذلك وهو يقول بعد هذا البيت :
ولكنّما أسعى لمجد مؤثّل |
|
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالى |
وإنما قوله «قليل من المال» فاعل كفى ، وهو وحده المتوجه إلى العمل فيه ، وأما قوله «ولم أطلب» فله معمول محذوف يفهم من مجموع الكلام ، والتقدير : كفانى قليل من المال ولم أطلب الملك.
ويشترط فى العاملين أيضا : أن يكونا متقدمين على المعمول كالأمثلة التى ذكرناها والتى ذكرها الشارح ، فإن تقدم المعمول فإما أن يكون مرفوعا وإما أن يكون منصوبا فإن تقدم وكان مرفوعا نحو قولك «زيد قام وقعد» فلا عمل لأحد العاملين فيه ، بل كل واحد منهما عامل فى ضميره ، وإن كان منصوبا نحو قولك «زيدا ضربت وأهنت» فالعامل فيه هو أول العاملين ، وللثانى منهما معمول محذوف يدل عليه المذكور ، أولا معمول له أصلا ، وإن توسط المعمول بين العاملين نحو قولك «ضربت زيدا وأهنت» فهو معمول للسابق عليه منهما ، وللمتأخر عنه معمول محذوف بدل عليه المذكور ، وقد أشار الشارح إشارة وجيزة إلى هذا الشرط.