تقدّم أنه إذا أعمل أحد العاملين فى الظاهر وأهمل الآخر عنه أعمل فى ضميره ، ويلزم الإضمار إن كان مطلوب الفعل مما يلزم ذكره : كالفاعل ، أو نائبه ، ولا فرق فى وجوب الإضمار ـ حينئذ ـ بين أن يكون المهمل الأوّل أو الثانى ، فتقول : «يحسنان ويسىء ابناك ، ويحسن ويسيئان ابناك»
وذكر هنا أنه إذا كان مطلوب الفعل المهمل غير مرفوع فلا يخلو : إما أن يكون عمدة فى الأصل ـ وهو مفعول «ظن» وأخواتها ؛ لأنه مبتدأ فى الأصل أو خبر ، وهو المراد بقوله : «إن يكن هو الخبر» ـ أولا ، فإن لم يكن كذلك : فإما أن يكون الطالب له هو الأول ، أو الثانى ، فإن كان الأول لم يجز الإضمار ؛ فتقول «ضربت وضربنى زيد ، ومررت ومرّ بى زيد» ولا تضمر فلا تقول : «ضربته وضربنى زيد» ولا «مررت به ومرّ بى زيد» وقد جاء فى الشعر ، كقوله :
(١٦٠) ـ
إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب |
|
جهارا فكن فى الغيب أحفظ للعهد |
وألغ أحاديث الوشاة ؛ فقلّما |
|
يحاول واش غير هجران ذى ودّ |
__________________
مضارع ناقص فعل الشرط. واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مضمر «هو» ضمير فصل لا محل له من الإعراب «الخبر» خبر يكن ، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام ، والتقدير : إن يكن مضمر غير الرفع هو الخبر فأخرنه.
١٦٠ ـ البيتان من الشواهد التى لم تقف لأحد على نسبتها لقائل معين.
اللغة : «جهارا» بزنة كتاب ـ أى عيانا ومشاهدة ، وتقول : رأيته جهرا وجهارا وكلمت فلانا جهرا وجهارا. وجهر فلان بالقول جهرا ، كل ذلك فى معنى العلن ، قال الله تعالى : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ) وقال الأخفش فى قوله تعالى : (حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) أى عيانا يكشف عنا ما بيننا وبينه «الغيب» أصله ما استتر عنك ولم