ومررت بالقوم إلا حمارا» فـ «زيدا» فى هذه المثل منصوب على الاستثناء ، وكذلك «حمارا».
والصحيح من مذاهب النحويين أن الناصب له ما قبله بواسطة «إلا» ، واختار المصنف ـ فى غير هذا الكتاب ـ أن الناصب له «إلّا» وزعم أنه مذهب سيبويه (١) وهذا معنى قوله «ما استثنت إلا مع تمام ينتصب» أى : أنه ينتصب الذى استثنته «إلا» مع تمام الكلام ، إذا كان موجبا.
__________________
(١) للنحاة فى ناصب الاسم الواقع بعد «إلا» خلاف طويل ، غير أن أشهر مذاهبهم فى ذلك تتلخص فى أربعة أقوال :
الأول : أن الناصب له هو الفعل الواقع فى الكلام السابق على «إلا» بواسطتها ، فيكون عمل «إلا» هو تعدية ما قبلها إلى ما بعدها ، كحرف الجر الذى يعدى الفعل إلى الاسم ، غير أن هذه التعدية بالنظر إلى المعنى ، وهذا مذهب السيرافى ، ونسبه قوم منهم ابن عصفور وغيره إلى سيبويه ، وقال الشلوبين : إنه مذهب المحققين.
الثانى : أن الناصب له هو نفس «إلا» وهو مذهب ابن مالك الذى صرح به فى غير هذا الكتاب ، وعبارته فى الألفية تشير إليه ، أفلا ترى أنه يقول فى مطلع الباب «ما استئنت إلا» ثم يقول بعد أبيات «وألغ إلا» وهى عبارة يدل ظاهرها على أن لمراد إلغاؤها عن العمل
الثالث : أن الناصب له هو الفعل الواقع قبل «إلا» باستقلاله ، لا بواسطتها كالمذهب الأول
الرابع : أن الناصب له فعل محذوف تدل عليه «إلا» والتقدير : أستثنى زيدا ، مثلا
ويرد على المذهبين الأول والثالث أنه قد لا يكون فى الكلام المتقدم على «إلا» ما يصلح لعمل النصب من فعل أو نحوه ، تقول : إن القوم إخوتك إلا زيدا ، فكيف تقول : إن العامل الذى قبل «إلا» هو الناصب لما بعدها؟ سواء أقلنا : إنه ناصبه على الاستقلال أم قلنا : إنه ناصبه بواسطة «إلا».
ويمكن أن يجاب على ذلك بأننا فى هذا المثال وما أشبهه نلتزم تأويل ما قبل «إلا» بما يصلح لعمل النصب ، وهذا الجواب ـ مع إمكانه ـ ضعيف ، للتكلف الذى يلزمه.