فإن وقع بعد تمام الكلام الذى ليس بموجب ـ وهو المشتمل على النفى ، أو شبهه ، والمراد بشبه النفى : النهى ، والاستفهام ـ فإما أن يكون الاستثناء متصلا ، أو منقطعا ، والمراد بالمتصل : أن يكون المستثنى بعضا مما قبله ، وبالمنقطع : ألا يكون بعضا مما قبله.
فإن كان متصلا ، جاز نصبه على الاستثناء ، وجاز إتباعه لما قبله فى الإعراب ، وهو المختار (١) ، والمشهور أنه بدل من متبوعه ، وذلك نحو «ما قام أحد إلا زيد ، وإلّا زيدا ، ولا يقم أحد إلا زيد وإلّا زيدا ، وهل قام أحد إلا زيد؟ وإلا زيدا ، وما ضربت أحدا إلا زيدا ، ولا تضرب أحدا إلا زيدا ، وهل ضربت أحدا إلا زيدا؟» ؛ فيجوز فى «زيدا» أن يكون منصوبا على الاستثناء ، وأن يكون منصوبا على البدلية من «أحد» ، وهذا هو المختار ،
__________________
(١) أطلق الشارح ـ رحمه الله! ـ اختيار إتباع المستثنى منه إذا كان الكلام تاما منفيا ، وليس هذا الإطلاق بسديد ؛ بل قد يختار النصب على الاستثناء ، ولذلك ثلاثة مواضع :
الأول ، وسيأتى فى كلامه : أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه ، نحو قولك : مازارنى إلا زيدا أحد ؛ فالنصب على الاستثناء هنا أرجح من الرفع على البدلية ؛ لئلا يلزم تقدم التابع على المتبوع ، أو تغير الحال ؛ فيصير التابع متبوعا ، والمتبوع تابعا.
الثانى : أن يفصل بين المستثنى والمستثنى منه بفاصل طويل ، نحو أن تقول : لم يزرنى أحد أثناء مرضى مع انقضاء زمن طويل إلا زيدا ، واختيار النصب على الاستثناء فى هذا الموضع لأن الإتباع إنما يختار للتشاكل بين التابع والمتبوع ، وهذا التشاكل لا يظهر مع طول الفصل بينهما ، ونازع فى هذا أبو حيان.
الثالث : أن يكون الكلام جوابا لمن أتى بكلام آخر يجب فيه نصب المستثنى ، وذلك كأن يقول لك قائل : نجح التلاميذ إلا عليا ، فتقول له «ما نجحوا إلا عليا» وإنما اختير النصب على الاستثناء ههنا ليتم به التشاكل بين الكلام الأول وما يراد الجواب به عنه.