يكثر مجىء الحال جامدة إن دلّت على سعر ، نحو «بعه مدّا بدرهم (١)» فمدا : حال جامدة ، وهى فى معنى المشتق ؛ إذ المعنى «بعه مسعّرا كل مد بدرهم» ويكثر جمودها ـ أيضا ـ فيما دلّ على تفاعل ، نحو «بعته يدا بيد (٢)» أى : مناجزة ، أو على تشبيه ، نحو «كرّ زيد أسدا» : أى مشبها الأسد ، فـ «يدا ، وأسدا» جامدان ، وصحّ وقوعهما حالا لظهور تأوّلهما بمشتق ، كما تقدم ، وإلى هذا أشار بقوله : «وفى مبدى تأوّل» أى : يكثر مجىء الحال جامدة حيث ظهر تأوّلها بمشتق.
وعلم بهذا وما قبله أن قول النحويين «إن الحال يجب أن تكون منتقلة مشتقة» معناه أن ذلك هو الغالب ، لا أنه لازم ، وهذا معنى قوله فيما تقدم «لكن ليس مستحقّا» (٣).
__________________
(١) يجوز فى هذا المثال وجهان : أحدهما رفع ما ، وثانيهما نصبه ، فأما رفع مد فعلى أن يكون مبتدأ ، والجار والمجرور بعده متعلقان بمحذوف خبر المبتدأ ، وجاز الابتداء بالنكرة لأن لها وصفا محذوفا ، وتقدير الكلام : بع البر (مثلا) مد منه بدرهم ، وجملة المبتدأ وخبره فى محل نصب حال ، والرابط هو الضمير المجرور محلا بمن ، ولا يكون المثال ـ على هذا الوجه ـ مما نحن بصدده ؛ لأن الحال جملة لا مفرد جامد ، أما نصب مد فعلى أن يكون حالا ، والجار والمجرور بعده متعلق بمحذوف صفة له ، ويكون المثال حينئذ مما نحن بصدده ، والمشتق المؤول به ذلك الحال يكون مأخوذا من الحال وصفته جميعا ، وتقديره : مسعرا.
ويجوز أن يكون هذا الحال حالا من فاعل بعه ؛ فيكون لفظ «مسعرا» الذى تؤوله به بكسر العين مشددة اسم فاعل ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول ؛ فيكون قولك «مسعرا» بفتح العين مشددة اسم مفعول
(٢) هذا المثال كالذى قبله ، يجوز فيه رفع «يد» ونصبه ، وإعراب الوجهين هنا كإعرابهما فى المثال السابق ، والتقدير على الرفع : يد منه على يد منى ، والتقدير على النصب : يدا كائنة مع يد.
(٣) ذكر الشارح ثلاثة مواضع تجىء فيها الحال جامدة وهى فى تأويل المشتق ، ـ ـ