وقد شرح الكتاب ـ غير هؤلاء ـ الكثير من العلماء ، ولست تجد شرحا من هذه الشروح لم يتناوله العلماء : بالكتابة عليه ، وبيان ما فيه من إشارات ، وإكمال ما عسى أن يشتمل عليه من نقص ، وكلّ ذلك ببركة صاحب الأصل المشروح ، وبما ذاع له بين أساطين العلم من شهرة بالفقه فى العربية وسعة الباع.
* * *
وهذه الشروح مختلفة ؛ ففيها المختصر ، وفيها المطول ، فيها المتعقب صاحبه للنّاظم يتحامل عليه ، ويتلمس له المزالق ، وفيها المتحيز له ، والمصحح لكل ما يجىء به ، وفيها الذى اتخذ صاحبه طريقا وسطا بين الإيجاز والإطناب ، والتحامل والتحيز.
ومن هؤلاء الذين سلكوا طريقا بين الطريقين بهاء الدين بن عقيل ؛ فإنه لم يعمد إلى الإيجاز حتى يترك بعض القواعد الهامّة ، ولم يقصد إلى الإطناب ؛ فيجمع من هنا ومن هنا ، ويبين جميع مذاهب العلماء ووجوه استدلالهم ، ولم يتعسف فى نقد الناظم : بحق ، وبغير حق ، كما لم ينحز له بحيث يتقبل كل ما يجىء به : وافق الصواب ، أو لم يوافقه.
ولصاحب هذا الشرح ـ من الشهرة فى الفن والبراعة فيه ، ومن البركة والإخلاص ـ ما دفع علماء العربية إلى قراءة كتابه والاكتفاء به عن أكثر شروح الخلاصة.
* * *
وقد أردت أن أقوم لهذا الكتاب بعمل أتقرب به إلى الله تعالى ، فرأيت ـ فى أول الأمر ـ أن أتمّم ما قصر فيه من البحث : فأبين اختلاف النحويين واستدلالاتهم ثم نظرت فإذا ذلك يخرج بالكتاب عن أصل الغرض منه ، وقد يكون الإطناب باعثا على الازورار عنه ، ونحن فى زمن أقلّ ما فيه من عاب أنك لا تجد راغبا فى علوم العرب إلا فى القليل النادر ؛ لأنهم قوم ذهبت مدنيتهم ، ودالت دولتهم ، وأصبحت الغلبة لغيرهم.
فاكتفيت بما لا بد منه ، من إعراب أبيات الألفية ، وشرح الشواهد شرحا وسطا بين الاقتصار والإسهاب ، وبيان بعض المباحث التى أشار إليها الشارح أو أغفلها بتّة فى عبارة واضحة وفى إيجاز دقيق ، والتذييل بخلاصة مختصرة فى تصريف الأفعال ؛ فإن ابن