فالدلالة باقية على حالها عامة ، ودلالته على عدم جواز الإفطار بدون التبييت في حال قبل الزوال ليس دلالة على ذلك بشرط قبل الزوال.
هذا مع أنّ النسبة بين الإجماع المنقول وأخبار التبييت أيضاً عموم من وجه كما لا يخفى ؛ إذ مقتضاه عدم جواز الإفطار بعد الزوال بيّت النية أم لا ، ومقتضاها عدم جواز الإفطار مع عدم التبييت سواء كان قبل الزوال أو بعده.
وأما ما يمكن أن يرجّح به أدلة المفيد وتابعيه ، فهي أنّها أوضح سنداً ؛ لصحة أكثرها ، وكون بعضها بمنزلة الصحيح ، ولم يوجد في الطرف الأخر ما يخلو سنده عن شيء ، وإن كان أكثرها لا يخلو عن قوّة ، وأيضاً فهي مكررة في الاصول ، سيما الكافي والفقيه ، بخلاف الأخبار الأوّلة ، وذلك من أعظم المرجّحات ، وأيضاً فدلالتها أوضح كما لا يخفى.
ويمكن أن يقال : اشتراط التبييت مبنيّ على الغالب ، فإنّ الغالب في المسافرين أنهم قاصدون في الليل ، ولكنه لا يجري في مثل موثّقة عليّ بن يقطين ، حيث استوى على ذكر القيد نفياً وإثباتاً.
وأيضاً اندراج هذا المضمون تحت قوله تعالى (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) أوضح من اندراجه تحت قوله تعالى (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (١) فيكون أوفق بالكتاب والسنة ، سيّما مثل قوله عليهالسلام : «إذا قصّرت أفطرت» (٢).
وأيضاً فهو أوفق بالملّة السمحة السهلة ، ووضع القصر وتسنينه ، ونفي العسر والحرج ، وإرادة اليسر مما دلّ عليه الكتاب والسنة.
وأيضاً فحكم ما بعد الزوال في هذه الأخبار واضح لا غبار فيه ، بخلاف تلك الأخبار ، ولذلك اضطرب أصحاب تلك الأخبار فيها ، بخلاف هذه.
وأيضاً هذه الأخبار أوفق بطريق الإماميّة من التزام التقصير في السفر ، بخلاف
__________________
(١) البقرة : ١٨٥ ، ١٨٧.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٣ ، الوسائل ٧ : ١٢٨ أبواب من يصح منه الصوم ب ٢ ح ٤.