ويمكن تنزيل رواية أبي بصير الأُولى (١) أيضاً على ذلك ؛ بإرادة نية السفر من الليل مع خروجه فيه.
ومن ذلك يظهر الضعف في دلالات سائر الروايات أيضاً.
ومع ذلك فلا يبقى وجه للترجيح من جهة الأكثرية أيضاً.
وقد يتوهّم الترجيح لها من جهة كونها بمنزلة الخاص المطلق ؛ لعدم وضوح دلالتها على حكم ما بعد الزوال صريحاً ، وظهورها فيما قبل الزوال ، سيّما مع ملاحظة الإجماع الذي سننقله عن الشيخ على عدم جواز الإفطار بعد الزوال.
وإن أبيت فحينئذٍ تعارضها مع أخبار المفيد فيما قبل الزوال ، ومقتضى أخبار المفيد وجوب الإفطار قبل الزوال مطلقاً ، ومقتضى تلك جوازه قبل الزوال إذا بيّت نيّة السفر.
وفيه : أنّ أوضح تلك الأخبار دلالة هي موثّقة عليّ بن يقطين ، وما ينفعهم في الاستدلال هي الشرطيّة الأخيرة التي هي بعينها مفهوم الشرطية الأُولى ، يعني أنّه مع عدم التبييت لا يفطر ، وهذا عام لما بعد الزوال ، وإذا سقطت حجيتها فيما بعد الزوال للإجماع أو غيره بقي مقتضى حكمها قبل الزوال ، وهو لا ينافي مقتضى دلالتها ؛ إذ كون المدار في الترجيحات من حيث الدلالة غير ثبوت المدلول وعدمه ، فلو فرضنا عاما وخاصاً انحصرت أفراد العام في ذلك الخاص ، فيرجح الخاص على العام ؛ لأن الخاص من حيث إنّه خاصّ مقدّم على العام من حيث هو ، وإن لم يوجد في الخارج فرد آخر لذلك العام. وانحصار حجيّة العام في بعض الأفراد لا ينفي عموم دلالته ، ولا يجعله خاصاً.
نعم لو فرض التنصيص على عدم جواز الإفطار قبل الزوال لو لم يبيت النية ، لكان خاصاً بالنسبة إلى ما دلّ على وجوب الإفطار قبل الزوال ، وليس هنا تنصيص ،
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢٨ ح ٦٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٩٨ ح ٣٢٠ ، الوسائل ٧ : ١٣٣ أبواب من يصح منه الصوم ب ٥ ح ١٢.