منها : صحيحة محمّد بن مسلم القائلة : «لا اعتكاف إلا بصوم» (١) ؛ ، ومثلها حسنة الحلبي (٢) ، وغيرها (٣).
ولا يُعتبر إيقاعه لأجل الاعتكاف ، بل يكفي وقوعه بأيّ وجه اتفق ، كما صرّح به الفاضلان وغيرهما من غير نقل خلاف (٤) ، بل يكفي وقوعه في حال الصوم المندوب ؛ وإن كان الاعتكاف واجباً ، كما صرّح به في التحرير والتذكرة (٥).
بل ظاهر المعتبر إجماع الأصحاب ، حيث قال : الشرط الثاني الصوم ، أيّ صوم اتفق ، واجباً كان أو ندباً ، رمضان أو غيره ، وعليه فتوى علمائنا ، ويدلّ عليه ما ورد في فضيلة الاعتكاف في شهر رمضان ، فلو نذر اعتكافاً لا يجب عليه الصوم لأجل الاعتكاف ، وإن وجب عليه إيقاعه في حال الصوم (٦).
وقال في المسالك : نعم لا يصحّ صوم الاعتكاف المنذور مندوباً ؛ للتنافي بين وجوب المضيّ على الاعتكاف الواجب ، وجواز قطع الصوم المندوب (٧).
ويظهر من صاحب المدارك الفرق بين النذر المطلق فيجوز ، والمعيّن فلا يجوز (٨).
أقول : والتحقيق صحّته مطلقاً في الصوم المندوب ، حتّى في النذر المعيّن ، فلو نذر اعتكاف أيّام البيض من رجب وأراد أن يصومها مستحبةً جاز.
وما يُتراءى من أنّ نذر الاعتكاف مستلزم لوجوب الصوم له بهذا النذر من باب مقدّمة الواجب ، كما لو نذر أحد مَسّ كتابة القرآن ، فيجب عليه الوضوء لاشتراطه به ، فهو ليس كذلك على الإطلاق ، بل إنّما هو إذا لم تحصل الطهارة ، ولم يرد طهارة
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٧٦ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٣٩٩ أبواب الاعتكاف ب ٢ ح ٦.
(٢) الكافي ٤ : ١٧٦ ح ٣ ، الوسائل ٧ : ٤٠٠ أبواب الاعتكاف ب ٣ ح ١.
(٣) الوسائل ٧ : ٣٩٨ أبواب الاعتكاف ب ٢.
(٤) المعتبر ٢ : ٧٢٦ ، التذكرة ٦ : ٢٤٩ ، وكالشيخ في الخلاف ١ : ٤٠٣.
(٥) التحرير ١ : ٨٦ ، التذكرة ٦ : ٢٤٩.
(٦) المعتبر ٢ : ٧٢٦.
(٧) المسالك ٢ : ٩٣.
(٨) المدارك ٦ : ٣١٦.