موافقاً للمشهور (١) بأن مراده أنّ الليالي لا تدخل في الاعتكاف بسبب النذر إلا مع شرط التتابع ، وإن وجب إدخالهما من حيث إنّ الاعتكاف لا يكون أقلّ من ثلاثة أيّام بينها ليلتان ، فإذا نذر اعتكاف ثلاثة أيّام من غير تقييد بالتتابع جاز أن يبتدئ من أوّل نهار ثمّ يتبعه بليلتين ويومين من غير أن يجعل اليومين من الثلاثة المنذورة ، ثمّ يبتدئ من أوّل نهار آخر ويتبعه بيومين وليلتين هكذا إلى أن تتمّ التسعة ، وبتمامها يتمّ النذر.
وعلى هذا فيكون مراده ما ذكره العلامة في التذكرة ، قال : لو لم يقيّد بالتتابع جازَ لهُ التفريق ثلاثة ثلاثة ، وهل يجوز التفريق يوماً ويوماً ، بأن يعتكف يوماً عن نذره لم يضمّ إليه يومين مندوباً؟ الأقرب الجواز ، كما لو نذر أن يعتكف يوماً ويسكت عن الزيادة وعدمها ، فإنّه يجب عليه الإتيان بذلك اليوم ويضم إليه يومين آخرين ، فحينئذٍ إذا نذر أن يعتكف ثلاثة أيّام فاعتكف يوماً عن النذر وضم إليه آخرين لا عنه بل متبرّع بهما ، ثمّ اعتكف ثانياً عن النذر وضم إليه آخرين ، ثمّ اعتكف ثالثاً عن النذر وضمّ إليه آخرين جاز ، سواء تابع التسعة أو فرّقها (٢) ، ولكنه جزم في المنتهي بلزوم ثلاثة بينها ليلتان (٣).
وقال الشيخ في بعض كتبه : إن لم يشترط التتابع اعتكف نهاراً ثلاثة أيّام بغير ليال (٤) ، وليس بمعتمد.
أقول : وهذا توجيه حسن لكلام الشيخ لا بدّ منه ؛ لئلا يخالف ما هو المتبادر من ظواهر الأخبار وفتاوى الأصحاب ، سيّما فتوى نفسه في غير هذا الموضع ، بل في الكتاب الّذي اختار ذلك فيه ، وللإجماعات المنقولة.
ولا ينافي ذلك كون المختار في معنى اليوم هو النهار لغة (٥) وعرفاً.
وكيف كان ، فالمذهب دخول الليلتين في الاعتكاف ، لا لدخول الليل في اليوم ،
__________________
(١) الخلاف ٢ : ٢٣٩.
(٢) التذكرة ٦ : ٢٧٧.
(٣) المنتهي ٢ : ٦٣٠.
(٤) الخلاف ٢ : ٢٣٩.
(٥) لسان العرب ١٢ : ٦٤٩.