المدينة ، ومسجد مكة» (١).
ورواها الكليني أيضاً ، وكذا الشيخ عنه ، وزاد فيها لفظ «فيها صلاة» قبل جماعة ، وقال الصدوق بعدها : وقد روي في مسجد المدائن.
ويرد على الأوّل : منع الإجماع ، قال في المعتبر : واحتجاج الشيخ بإجماع الفرقة لا نعرفه ، ويلزم ذلك من عَرفَ إجماعهم عليه ، وكيف يكون إجماعاً والأخبار على خلافه ، وأعيان فضلاء الأصحاب قائلون بضدّه (٢).
وكذا الشهيد في غاية المراد ، قال : والمرتضى رحمهالله والشيخ في الخلاف ادعيا الإجماع ، وأعظم به من دليل لولا صريح الخلاف (٣).
وعلى الثاني : أنّ الاقتصار على موضع الوفاق ، إنّما يتمّ إذا لم يثبت له الدليل ، وقد عرفت الأدلّة.
وعلى الثالث : أنّ عدم اعتكافهم في غيرها لا يدلّ على عدم الجواز ، مع أنّهم اعتبروا تجميع المعصوم ، لا اعتكافه.
وعلى الرابع : أنّ «إمام عدل» يشمل غير المعصوم.
والإنصاف أنّها ظاهرة في المعصوم ؛ لأنّ ظاهرها الإضافة ، كإمام الهدى في مقابل إمام الضلال وإمام الجور ، فإنّ أئمّة الجور وإن كانوا أئمّة لكنهم يهدون إلى النار ، وفهم قدماء الأصحاب أيضاً شاهد عليه ، وليس من قبيل التوصيف ، كالشاهد العدل ، كما فهمه صاحب المدارك (٤).
وعلى هذا فيشكل ترجيح قول المفيد وأتباعه ؛ لأنّ هذه الرواية الصحيحة ظاهرة الدلالة ، مع اعتضادها بالإجماعات المنقولة ، ودعوى الشيخ تواتر الأخبار والشهرة
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٢٠ ح ٥١٩ ، الكافي ٤ : ١٧٦ ح ١ ، التهذيب ٤ : ٢٩٠ ح ٨٨٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٦ ح ٤٠٩ ، الوسائل ٧ : ٤٠١ أبواب الاعتكاف ب ٣ ح ٨.
(٢) المعتبر ٢ : ٧٣٢ ، وحكى الخلاف عن ابن أبي عقيل والمفيد في المختلف ٣ : ٥٧٧.
(٣) غاية المراد ١ : ٣٥١.
(٤) المدارك ٦ : ٣٢٥.