الخامس : صورة عدم التعيين مع الشرطين فقد ذكرنا سابقاً أنّ له الخروج ، وأنّ ذلك لا يستلزم سقوط أصل التكليف ، كما ذهبَ إليه جماعة من الأصحاب (١) ، خلافاً لآخرين (٢) ، فيجب عليه القضاء ، بمعنى الاستئناف رأساً متتابعاً ، أو الإتيان بما بقي عليه متتابعاً ، وأما إذا لم يأتِ بأقلّ الاعتكاف فيتعيّن الاستئناف رأساً. وإن قلنا بشمول الصحيحتين لهذه الصورة ، فيُمكن حمل الصحيحة الأُولى على ما لم يأتِ بأقلّ الاعتكاف ، والثانية على ما أتى به.
السادس : الصورة بحالها مع انتفاء الشرط على ربّه ، فيخرج حين عروض العارض ، ثمّ يستأنف متتابعاً ؛ لوجوبه عليه متتابعاً ، ولم يتعيّن بسبب الفعل ، فيجب الإتيان به على الوصف المشروط في النذر.
واستشكله في التذكرة (٣) ، وقيل في وجه الإشكال : إنه لزوم الحرج والعُسر ، سيّما إذا اتفق مرّة بعد اخرى ، ولأن الاعتكاف واجب ، ومتابعته واجب آخر ، فكلّ ما وقع منه كان من الواجب المنذور ، وأصالة البراءة تقتضي نفي البدل ، ووصف المتابعة إنّما اختلّ ضرورةً ؛ من دون اختياره.
وما نقل من المختلف سابقاً في الفرع الأوّل من لزوم الاستيناف ، إنّما كان لكون الإخلال بالتتابع بتقصير المكلّف.
أقول : الأظهر لزوم الاستئناف ؛ لاستصحاب مقتضى النذر ، وإطلاق دليله ، فلا يعارض بأصل البراءة ، والتمسك بنفي الحرج ضعيف ، غاية الأمر ملاحظة نفيه حيث ما حصل الحرج لا مطلقاً.
والظاهر أنه لا مدخل للتقصير وعدم التقصير في صدق الامتثال وعدمه ، مع أنّ الشيخ في المبسوط نفى الخلاف عن وجوب الاستئناف على ما حُكي عنه (٤) ، فالأقوى
__________________
(١) كالمحقّق في المعتبر ٢ : ٧٤٠ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ١٠٨ ، وصاحب المدارك ٦ : ٣٤٣.
(٢) كابن إدريس في السرائر ١ : ٤٢٣ ، والمحقّق في الشرائع ١ : ١٩٥.
(٣) التذكرة ٦ : ٣٠٧.
(٤) المبسوط ١ : ٢٩١.