مخلّ بالتتابع.
وربّما يقال : إنه قد يكون عُذراً إذا تقدّم السبب كما لو ضاق الوقت.
وقد اختلفت فتاوى الشيخ ، فظاهر كلامه في النهاية أنّه غير مخلّ بالتتابع مطلقاً (١).
وعن الخلاف أنّه قال : إذا سافر في الشهر الأوّل فأفطر قطع التتابع ووجب عليه الاستئناف ، ثمّ قال : دليلنا قوله تعالى (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) (٢) وهذا ما تابع ، وأيضاً فالسفر باختياره فلا يجوز له الإفطار كالحضر (٣).
فأوّل كلامه يدلّ على أنّه ليس بعذر مطلقاً ، وأما آخر كلامه فكلام مُظلم مشتبه المقصود ، وأظهر احتمالاته أن يكون دفعاً للاستدلال بالعلّة المنصوصة المتوهّمة في الأخبار ، فأوّل الكلام استدلال بالآية على لزوم التتابع ، والمفروض عدم الحصول ، وما ذكره أخيراً دفع لما يتوهّم من استثناء السفر كالمرض والحيض ؛ لأنّه أيضاً رخصة من الله تعالى ، فهو أيضاً مغلوب ؛ لاختياره بأمر الله تعالى ، المستلزم للإفطار.
وتقرير الدفع : أنّه حصل باختياره ، بخلاف المرض والحيض ، فليس مغلوباً ؛ لإمكان تركه.
ويشكل حينئذٍ معنى قوله «فلا يجوز له الإفطار كالحضر» والظاهر أنّ مراده أنّه لا يجوز له الإفطار بأن يكتفي بذلك في امتثال الأمر بصيام الشهرين كالحضر ، يعني كما لو لم يسافر أصلاً وكان في الحضر لا يجوز أن يفطر في الأثناء مكتفياً به بانياً عليه ، فكذا في السفر.
وإنّما قيّدناه بذلك ؛ لأنّه دليل على حرمة الإفطار في غير شهر رمضان والنذر المعيّن وقضاء رمضان بعد الزوال كما مرّ ، وبينا ضعف قول أبي الصلاح وغيره.
__________________
(١) النهاية : ١٦٦.
(٢) النساء : ٩٢ ، المجادلة : ٤.
(٣) الخلاف ٤ : ٥٥٤ المسألة ٤٩.