سألت أبا الحسن عليهالسلام عن اليومين اللذين بعد الفطر ، أيصامان أم لا؟ فقال : «أكره لك أن تصومهما» (١) ، ولعلّ مراد الشهيد رحمهالله تغليب الصحيح على الموثّق ، أو أراد من أحدهما صحيحة عبد الرحمن ؛ لعدم منافاته كراهة الأيّام الثلاثة ، فإنّ التثنية إنّما وقعت في السؤال ، مع أنّه لا قائل بالفصل ، أو يقال : إنّ روايته بطريقين لا تنافي روايته صحيحاً.
وكيف كان ، فلا يبعد ترجيح تركه ، سيّما الثلاثة الأيّام ؛ لهذه الأخبار ، ولموافقة استحبابه للعامة ؛ لشيوعه بينهم ، ويسمّونه صيام التشييع (٢).
ثم إنّ قلنا بالاستحباب ، فظاهر الرواية عدم الفصل متوالياً ، فما ذكره الشهيد في القواعد من بقاء الاستحباب مع التأخير (٣) محلّ نظر.
وقال في الروضة : فمن صامها مع شهر رمضان عدلت صيام السنة ، وفي الخبر : «أنّ المواظبة عليها تعدل صيام الدهر» ، وعُلل في بعض الأخبار بأنّ الصدقة بعشر أمثالها : فيكون رمضان بعشرة أشهر ، والستة لشهرين ، وذلك تمام السنة ، فدوام فعلها كذلك يعدل دهر الصائم (٤) و (٥).
أقول : وأخذ كلامه الأوّل من هذا التعليل ، ورتّب عليه ما ورد في الرواية من كونه معادل صيام الدهر ، بملاحظة المواظبة ، وحملها على إرادة المواظبة ، وإلا فلم نقف على ذكر المواظبة في خبر ، ولعله اطلع عليه من موضع آخر.
ثمّ أشار إلى أنّ الحكمة في الإتباع ، مع أنّ العلّة مقتضية لعدم الفرق بين التوالي والتفرقة ، مضافاً إلى ظاهر الرواية بأنّ فيه تخفيفاً على الصائم ؛ للتمرين السابق ،
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٤٨ ح ٣ ، الوسائل ٧ : ٣٨٧ أبواب الصوم المحرّم والمكروه ب ٣ ح ٢.
(٢) انظر المغني ٣ : ١١٢ ، والشرح الكبير ٣ : ٩٧ ، والمهذّب للشيرازي ١ : ١٩٤ ، والمجموع ٦ : ٣٧٩ ، والوجيز ١ : ١٠٥ ، وفتح العزيز ٦ : ٤٦٩ ، وحلية العلماء ٣ : ٢١٠.
(٣) القواعد والفوائد ٢ : ١١١.
(٤) الروضة البهيّة ٢ : ١٣٥.
(٥) نيل الأوطار ٤ : ٢٥١.