على الضعفاء ، وعمرهم قصير ، فلم يتمكن وال مدة طويلة من الحكم ليعرف الحالة. ولا سبب لذلك إلا خوف الدولة من أن يحدث غائلة ، أو يضمر آمالا. فيستعين بالأهلين ، أو بالموظفين الأهليين. ومن ثم تبقى علاقته بهم قليلة ورسمية لا سيما أن الواحد منهم كان يأتي بكتخداه معه وإذا رجع أعاده وجاء غيره ومعه كتخداه ...
وفي هذا كله ما يمنع من التسلط ، والتوغل ، أو المعرفة التامة بحقيقة الوضع فبقيت الجهالة سائدة ، ونفوذ العشائر الكبيرة بالغ حدّه ... وموظفو الدولة لا يتجاوزون الوالي وكتخداه ، والقاضي ، والدفتري ، أما كتابة الديوان ورئاسته فإنها بيد الأهلين من الترك أو العرب وهم لا يأمنون منهم وإن كانوا لا يقصرون في تنفيذ رغائبهم وتمكين ادارتهم ... ولم تطل إدارة إلا للواليين الأخيرين حسن باشا وابنه أحمد باشا ، فكانت النتائج أن تكونت (حكومة المماليك) أو (حكومة الكولات).
كان حسن باشا وهو من أشهر وزراء بغداد قام بأعمال مهمة لدولته ... ثم خلفه ابنه أحمد باشا وهذا لا يقل عن والده ويعد الأول فاتحة لتسلط العثمانيين على هذا القطر بصورة مكينة. وصار تمهيدا لمن تلاه وتجديدا في حياة الدولة.
إن الحالة إلى أيام الوزيرين كانت بيد الينگجريّة وتسلطهم فالوالي ليس له من الأمر شيء وإنما يكون في الغالب منقادا لرؤسائهم وكبار رجالهم فلا قدرة له كما أن الأهلين يئنّون من قسوتهم وظلمهم ، ويتخلل ذلك الضرائب والنهب والغصب وانتهاك الحرمات ...
وفي (انحاء العراق) كانت العشائر أقوى. لا تسلط عليها لما اضطرت إليه من اتفاق بعضها مع بعض. ونطاق بغداد ضيق إلا أنه صار يتوسع قليلا. وكانت العشائر في ماضي العهد ذاقت الأمرين من