من جيوش بغداد والجزيرة والعمادية لحرب هذا الثائر والانتقام منه صدر الفرمان بالقضاء عليه. ولكن بقي متصرف كركوك في الحدود شهرين يتجول فلم يتمكن من الوقيعة به. وإنما رجع بأخذ تقدمة زهيدة ... بل عاد والعجز باد عليه (١) ...
الطاعون :
وفي أواسط هذه السنة عاد الطاعون مرة أخرى وظهر ببغداد فجاس خلال الديار داخلا وخارجا ، وفتك فتكا ذريعا ، فكان أشدّ ، وضائعاته أكبر ، فشغلت كل نفس بشأنها ولم يعد يعرف أحد آخر فبلغت الوفيات نحو ألف نسمة يوميا وربما تجاوزت ذلك ، وهذا المرض أنسى ما قبله ، فتجول في الانحاء ثلاثة أشهر حتى وافى النصف من شعبان سنة ١١٠٢ ه فخفّت وطأته وزال خطره وبسبب ذلك اضطربت الأحوال وتولد نقص في النفوس في القرى والقصبات. وإن أعراب البادية اغتنموا الفرصة فمدّوا أيديهم إلى أموال الناس وأغاروا من كل صوب فلم يسمعوا نصحا ولم يصغوا لقول. فقارعهم الحكام بما استطاعوا (٢).
وفي تاريخ الغرابي أنه استمر إلى هذه السنة ، وكان من وفياته أحمد بن عبد الله الغرابي صاحب التاريخ المسمى ب (عيون أخبار الأعيان في من مضى من سالف العصر والازمان). توفي في ١ شعبان سنة ١١٠٢ ه وبوفاته زال الطاعون. وتعرض لذكره صاحب (روضات الجنات) أيضا (٣).
الغرابي وتاريخه :
الغرابي هو أحمد بن عبد الله المعروف ب (غراب) ، ومرّ ذكر أخيه
__________________
(١) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ١.
(٢) كلشن خلفا ص ١١٤ ـ ١.
(٣) روضات الجنات ص ٢٥.