شاطىء دجلة. أمامها الماء وسكر عظيم (١) من السكور القديمة ، فلم يستطع أحد العبور إليها لشدة جريان الماء. وفي غربيّها (غابة) ملتفة بالأشجار وخلفها وشرقيها جبال شامخة. تقرب من الموصل بنحو ثلاث مراحل ...
شاهد الوزير هذا المكان ، فأرسل من ورائهم ثلاثة آلاف تمنعهم من الفرار ، فاتخذ مرتفعا هناك فوجه إليهم المدافع فأمطرت عليهم بالقنابل ، وتسلط بها عليهم ، فنالت هدفا منهم حاولوا الهرب إلى الغابة ، وحينئذ زاد الخطر. فاضطروا أن يخرجوا منها ، وكانوا نحو سبعة آلاف منهم ثلاثة آلاف فارس والباقون مشاة. وكلهم تعودوا الحروب ، وتمرنوا عليها.
حاربوا حرب مستميت ، فلم يصبروا أكثر من ثلاث ساعات ثم انهزموا من وجه الوزير. وفي هذه الحالة وجدوا الرصد بانتظارهم. فنالوا منهم ما نالوا ، ولم ينج إلا القليل ، صاروا طعما للسيوف ، وألقي القبض على رئيسهم ، وطلب الباقون الأمان. فأمنهم الوزير ولم يدع مجالا للاعتداء على النساء ، لكن أموالهم صارت نهبا بأيدي الجنود. وبعد أن تمت الحرب أطلق الوزير سراح النساء وكن في حرز حريز ، ففرحوا بذلك. وكان الجيش قديما لا تسلم منه النساء. وبئس الجيش الذي لا يستطيع أمراؤه ضبطه والتمكن منه (٢).
انتهت هذه الواقعة بانتصار الوزير. وأعلنها للعشائر الأخرى
__________________
(١) السكر سدّ قديم جاء ذكره في كتاب رحلة تافرنيه. راجع العراق في القرن السابع عشر ، نقله إلى العربية الأستاذان بشير فرنسيس وكوركيس عواد ص ٧٠ وص ١٤٥ ورحلة ريج ج ٢ ص ٢٩ ورحلة المنشي البغدادي ص ٨١.
(٢) حديقة الزوراء ، وقويم الفرج ، وكلشن خلفا ص ١٢٤ ـ ١.