ولم تمض مدة على هذه الحالة حتى اشتبكت الجموع وبطلت الرماح وصار الحكم للسيوف والخناجر ... ولم يتبين الغالب من المغلوب ، دام الحال على هذا المنوال حتى ظهر الانكسار في جموع العرب بعد أن أبلى الفريقان البلاء الحسن.
دامت الحرب إلى ١٩ شهر رمضان. لم تكن حاسمة وإن انكسار جهة لا يعني انكسار الكل فكان من رأي الوزير إنهاء الحرب وأن التطاول فيها مذموم فحرك همة الجيش وهاجم بالكل وتقدم أمام جموعه وأغار على العربان فألجأهم إلى قراهم فهزمهم. توالت المغلوبيات عليهم إلى سبع مرات وحينئذ وفي المرة الأخيرة تداخل بعضهم في بعض وصارت المضاربة بالسيوف والخناجر ...
وكان الشيخ تركي شيخ الاجود (١) سقط في المعركة. وكان يلازم الشيخ مغامسا وهو أشد منه كان جبارا قاهرا. فلما رآه الشيخ مغامس سقط صاح واه عليك! فاستولى عليه الخوف فاضطر إلى الفرار والهرب. فكان (تركي) شوكتهم. وبموته خذل الكل. وفروا جميعا. هلك في هذه المعمعة نحو العشرة آلاف بقيت أشلاؤهم مطروحة في ساحة القتال ... ولم يلتفت الباقون وراءهم من شدة ما أصابهم ... وحينئذ أنعم الوزير على الغالبين وكان يبذل الذهب والفضة لكل من يأتيه برأس أو قلب. لم يراع اقتصادا أو تقتيرا ...
بقي الوزير في موقعه ثلاثة أيام. وفي اليوم الرابع مضى إلى البصرة ... فدخلها في نهاية شهر الصيام. وأرخ ذلك صاحب گلشن خلفا ب (غزاي مبين) أي سنة ١١٢٠ ه وفي اليوم التالي احتفل بالعيد واتخذت الأفراح. دام ذلك ثلاثة أيام بعد أن كان الجيش قضى ثلاثة أشهر كاملة لم ير في خلالها راحة وحدث عن سهر الوزير ولا حرج ...!!
__________________
(١) الأجود من المنتفق وهم الثلث كما أن بني مالك ثلث وبني سعد ثلث آخر.