علم أن البواعث إنما تكون ناشئة عن قسوة أصابت الأمة وظلم أرهقها فكانت على الأهبة والاستعداد للوثبة بأمل النهوض والانتقام.
ولا ينظر في مثل هذه إلى السبب المباشر أو الضعيف كحادث حقيقي لثورة الأمة وإنما عوامل كثيرة متراكمة أذكت النيران. فجاء يوم الحساب بقسوة لا مزيد عليها ...
والأفغان أمة عزيزة الجانب ، قوية الشكيمة ، معتادة على الخشونة وشظف العيش متمرنة على مطاردة الوحوش ومقارعة العشائر ، فثارت للانتقام فلم تجد ما يصد تيار هيجانها ...
والمؤرخون اضطربت كلمتهم في أصل (الافغان) ويقال لهم عندنا (أغوان) وهكذا دعاهم صاحب (تاريخ أفغان) ولم تكن التسمية حديثة العهد ولا قريبة النشأة. جاء في قاموس الاعلام أن هيرودوتس ذكرهم في تاريخه بتحوير قليل في اللفظ. وهم قبائل متعددة بين أفغان أصليين ، وبين (تاجيك) و(هندوكي) ، و(هزاره) ، و(قزلباش). ويقال للغتهم (پختي) أو پختوان) من اللغات الآرية.
وفي تاريخ الافغان : «أن أصل قبائلهم في أنحاء داغستان على سواحل بحر الخزر في قطر يدعى (شروان) أو خارج (باب الأبواب) على سفح داغستان والصحارى المتصلة به ، ولم يستطع أحد أن يقف على حقيقة جذمها ، أو أنهم من أقوام الخزر ، أو طائفة من فروعهم ... انحدروا إلى ايران وما يتصل بها من الممالك القريبة ... فصاروا يهاجمون ويغزون بغارات متوالية ...
ولما ظهر الأمير تيمور اكتسح تلك الديار واستولى على هذه الاقطار فشكاهم الايرانيون وتظلموا من أعمالهم ... وحينئذ أمر تيمور بإجلاء هؤلاء إلى ديار تبعد نحو مائة مرحلة عن مواطنهم الأولى فأبعدهم. وكانت هذه البقعة من ايران ، حوالي قندهار والصحارى بينها وبين الهند ... أنقذ ايران منهم جعلهم سدا منيعا لها من الأقوام