المجادلات لم تحسم ، فالانتصار لا يعرف لواحد ، ومن الضروري أن نلحظ ما يحدث خلاف المأمول. وطلبت لزوم تقوية الحصون ، ومواطن الدفاع في الثغور ، وأشرت إلى لزوم تدارك الأمر قبل أن يقع ما يخشى منه فتفوت الفرصة. والآن بدت آثار ذلك ، وحدث ما توقعنا من بعد النظر ، وليس لنا اليوم بدّ من أن نذكر أولياء الأمور ، ليبذلوا أقصى ما يمكن من قدرة ، وذلك موكول إلى ذمتهم وحميتهم ، وهذه الوديعة منوطة بعاطفتهم. والأمل أن يعجل في الاهتمام وأن يتخذ التدبير السريع لصيانة المملكة.
وهذا الوزير أكد ذلك. حض على الاهتمام بالأمر ، فحرك الحمية ، وهيج الفكرة ، وأثار الغيرة في رجال الدولة (١).
قال صاحب الحديقة : ثم إن الدولة أمدته لكنه لم يؤمر بقتاله ، ولا بمقابلة جيشه بجيشه بل أمر بحفظ المدينة وحراستها ، وأن يكفّ عن لقائه فأرسلت الجنود لحفظ البلاد لا للمكافحة والنزال. وكان الصدر الأعظم آنئذ علي باشا المعروف بابن الحكيم.
ويقدر الجيش المساعد للوزير بمائة ألف وكان معه من الوزراء قره مصطفى باشا ، وصاري مصطفى باشا وأحمد باشا ابن الحمال.
وفي هذه الأثناء دخل نادر شاه حمى مدينة السلام وهرب من أمامه أهل القرى واستأصل غالب الناس وقابله أمير (درنة) بعساكر الاكراد فقتل وتفرقت أتباعه.
ثم نزل محاصرا بغداد في الخامس والعشرين من رجب كذا في دوحة الوزراء وفي الحديقة. وجاء في تاريخ قباطي أن الحصار حدث في ٢٧ رجب سنة ١١٤٥ ه ودام إلى ٧ صفر سنة ١١٤٦ ه. نزل محاذيا قصبة الإمام الأعظم بحيث ترى خيامه من فوق السور فكانت القبائل
__________________
(١) هذا ملخص ما كتبه الوالي في القائمة المرسلة إلى استنبول رأيتها في مجموعة محررات عندي مخطوطة ولم يتعرض صاحب الدوحة لتفصيل ذلك.