الأمر كذلك فاحرسوا الشرائع وصفّوا ألف فارس كل يوم يراقبونها فيقطع على العدو العبور. فبقي الحال كذلك إلى أن عبروا من ناحية دجيل ليلا ... وإن أهل الجانب الغربي اهتموا للأمر وبنوا سورا من اللبن عرضه نحو خمسة أذرع بذراع الكرباس ... وحفروا خندقا واسعا عميقا إلا أنه لم يتم بناء السور ولا حفر الخندق. لأن الوقت ضاق والعدو أحرجهم. فلم يشعروا إلا وفي غرة شهر رمضان بعد نصف الليل هاجمهم ولكن القوة الموجودة في جانب الكرخ أوقفته عند حدّه وحدثت معركة طاحنة بين الفريقين أودت بنفوس كثيرة فمثلت يوم المحشر في وقعها فلا تسمع غير الضرب والقتل ودامت الحرب طيلة تلك الليلة حتى مطلع الشمس.
وفي هذه المعركة كان الأعداء أكثر إلا أن جيش الوزير كان مدافعا في مواطنه فأبدى بسالة ومقاومة وحارب حربا دامية فتمكن من صده ...
ثم دامت الحرب سجالا بين الفريقين حتى أدركهم المدد من قره مصطفى باشا فزاد في شجاعة القوم وقوى أملهم فألزموا العجم مكانهم ومنعوا تقدمهم بل صاروا ينهزمون ويفرّون من مواقع القتال ... ورد المدد فثبتوا.
وعلى هذا حمي الوطيس واشتد القتال لدرجة أنه صار أشبه بالفزع الأكبر من هول ما جرى والكل صابر على مضض القتال. أبدى الجيش بسالة وإقداما لا مزيد عليهما فلم يقصّروا في الدفاع عن المدينة ووقفوا سدا حائلا ، ولم يحصل فيهم وهن.
أما مدد ايران فكان يتزايد ، والجنود تتكاثر ... فكانت امارات الغالبية ظاهرة فيهم فوصلوا إلى المنطقة بين الكاظمية وبغداد إلا أنهم استولى عليهم الرعب وحذروا من البقاء هناك فتركوا هذا الموقع من تلقاء أنفسهم وولوا الادبار وعاد الجيش إلى محله ... وفي المعركة قتل