رفاه. ولينظر قلة الجيوش وكثرتها وضعف الأهلين وقوتهم ورصانة السور ووهنه والقلعة ووضعها ودرجة قابليتها للمقاومة ومعرفة الأوضاع والأحوال الأخرى.
أما الوزير فإنه جعل في طريقهم جميع الحالات الجيدة الداعية إلى النشاط مما يدل على القوة وعدم الضعف بإحضار أنواع الأطعمة وإعدادها للبيع بأثمان بخسة فبيع رغيف الخبز بأربعة فلوس مع أنه كان يباع بليرة (دينار ذهبا) بصعوبة ولا يتيسر الحصول عليه فكان الوزير يعطي النقصان من خزانة الدولة ليكمّل ثمنه الحقيقي ...
واتخذ للايرانيين ضيافة بديعة دعت إلى اعجابهم فكذبوا الإشاعة القائلة بأن بغداد في مجاعة ففاوضوا بالصلح ، ولكن ظهر أخيرا أنهم لم يكن منهم الصلح إلا خديعة. وإنما قصدوا أن يدققوا أحوال بغداد من جميع الوجوه فلم يجدوا ما يحقق ظنهم بل غيروا اعتقادهم عن مسموعاتهم. ولما عادوا أخبروا بما شاهدوا ... وعلى هذا وافق على الصلح ودخل في مذاكرته فأرسل محمد باشا وراغبا الدفتري ببغداد ...
وفي أوائل ذهابهم إليهم رأوا منه لطفا والتفاتا زائدا وقال : بغداد طيبة الهواء وأتيت ببذور البطيخ معي فزرعتها هنا فكانت صالحة الثمر وأريد أن أرسل إلى أحمد خان (باشا) منها. وجدوا التفاتا أزال عنهم الرعب والخوف. ولكنه أحضر راغبا ليلا وتكلم معه عكس ما كان فاه به نهارا وكان علم بوصول المدد من الدولة العثمانية فكان داعية رفضه أمر الصلح.
ثم إنه دعا محمد باشا وراغبا الدفتري وتهور عليهما قائلا : إن غرضي لم يكن بغداد وحدها وإنما أقصد قيصر الروم ودياره فلماذا يتوقف أحمد باشا قولوا له ليسلّم بغداد فأجابوه بأنهما حينما يذهبان يقولان له في التسليم وقصدهما النجاة من مخالبه ...
ولما عادا قصّا ما وقع على الوالي فقال لو قطعت إربا إربا لما