كثيرة ... كانت تجلب عطف الوزير وتألمه فكان يسكب الدمع الغزير ولكنه لم يبد عجزا ولا فتورا في المحافظة. يتجوّل في الأماكن ويحرّض من جهة أخرى على المبارزة والدفاع ...
كان إذا اجتمع بأناس وشاهدوا بعض القنابل وقعت قريبا منهم وقد خافوا عنفهم لئلا يستولي الرعب على الناس وكان يرسل بعض من لم يكن معروفا فيتسور سور بغداد ويدخل المدينة مبشرا بورود المدد من جانب الدولة.
بذلك تمكن من تسلية الأهلين لبضعة أيام إلا أن تكرر الحادث وعدم ظهور نتيجة سبب عود اليأس ...
ولذا عزم الينگچرية والأهلون ـ لما استولى عليهم من الضجر والسآمة أن يتقدموا لمحاربة العدو. فإما أن ينالوا ما يتمنون ، فيرفع الحصار ، أو أن يموتوا بشرف وعزة دون أن يهلكوا جوعا وحتف أنوفهم ...
علم الوزير ومن معه من الوزراء بذلك فبيّنوا لهم غلط الفكرة وأنها لا تخلو من محاذير وأن النصر مأمول فنصحوا الجميع بالعدول عن ذلك.
أما نادر شاه فإنه لم ير لهذه المحاصرة نهاية فكتب كتابا عن لسان مفتي العسكر إلى علماء بغداد مؤداه :
إن بغداد جسيمة وأمر محافظتها يحتاج إلى قوة وقدرة وأنتم ليس لكم جيوش ولو كانت لظهرت. فالمحاصرة امتدت ومات عباد الله من الجوع. قولوا لأحمد باشا لا يقتل الخلق عبثا وليسلم فأجابه الوزير بما ملخصه أننا لم يكن وضعنا ناشئا عن ضعف وأن توقفنا كان لحكمة اقتضت. وسترون ما سيحل بكم. وتيقنوا أنكم لن تنالوا منا ولو حجرا واحدا فضلا عن مملكة.
ثم إن نادر شاه ركن إلى ارسال بعض أكابر رجاله إلى الوزير ليكلمه في أمر الصلح ظاهرا بأمل الاطلاع على الحالة من ضيق أو