ولم تكتف الدولة بهذه التدابير. وإنما احتاطت أكثر والتزمت سبيل الحزم فأرسلت والي سيواس الوزير محمد باشا الزازه لجهة بغداد ونصبته قائدا عاما وعينت ولاة حلب والرقة وديار بكر والموصل وأمراء الأكراد والعشائر وأمير ماردين ونبه الوزير ابراهيم باشا والي مرعش بصورة خاصة بحاشيته وزعماء الإيالة وأرباب التيمار أن يذهبوا على العجلة إلى بغداد لمحافظتها.
ولما علم الوزير سليمان باشا باهتمام الدولة بشأنه وتيقن بجميع ما كتبه محمد باشا عنه عرض لدولته الحالة وبين أنه المحق. فإن الغلاء استولى على البصرة فاضطر إلى الخروج وأنه لا يصح بوجه أن يقوم على دولته فيكفر نعمتها. وأن محمد باشا تجاوز عليه في الكتابة وحاول إسقاطه فصور سليمان باشا الوقعة بشكل مرض وأبدى أنه عند الاقتضاء يأتي بنفسه ليقابل جلالة السلطان لإيراد ما يبرىء ساحته مما عزي إليه.
وحينئذ أرادت الدولة أن تثبت من أقوال الاثنين وتقف على ماهية القضية فأرسلت مصطفى بك الميراخور على جناح السرعة فاكتشف الحالة واطلع على مجاري الأحوال وعرف أن ما كتب على سليمان باشا لا أصل له ، وظهر له صدق القول من سليمان باشا وسداد رأيه وإخلاصه لدولته فأخبرها بواقع الحال. والصحيح أن سليمان باشا لم يدع وسيلة موصلة إلى هدفه إلا فعلها. أمال مصطفى بك لجهته. ولا شك أن الذين يتحقق منهم ويستطلع آراءهم كانوا من جماعة سليمان باشا وأعوانه سواء من الموظفين أو غيرهم ، أو أنه شاهد الخطر فراعى جانب سليمان باشا ، أو أن الدولة أظهرته كذلك بعد أن عرفت حقيقة الوضع من رسولها مصطفى بك ، فصبته في هذا القالب.
ثم إن سليمان باشا كتب إلى دولته على حدة في براءة ذمته ، وأبدى اخلاصه وخدماته ، وكذا التمس واستدعى أن تضاف إليه حكومة