الوسائل لتمكين المعرفة. فكانت أول عمل من نوعه. ومثلها صنعة (الورق) ولكنها لم تنجح ، فهما متلازمان. ولا تدرك قيمتهما إلا بالرجوع إلى ما عانته البشرية في بث ثقافتها أو تثبيتها وما اتخذته من طرق النشر للعلوم والآداب وفي تسهيل الأخذ بها.
وأول مطبعة تكونت في استنبول (مطبعة إبراهيم متفرقة). وما يقال من أن هناك مطابع سبقتها فهذه على فرض تحقق وجودها لم ينتفع منها للمصلحة العامة ، ولا للثقافة الشاملة ، ولا كان لها التأثير في تكوين الطباعة.
وهذه المطبعة قامت بطبع (كتب اللغة) و(التاريخ). ومن أهم ما طبع فيها من نتاج العراق كتاب (گلشن خلفا) في تاريخ بغداد من أول بنائها سنة ١٤٥ ه إلى سنة ١١٣٠ ه. و(تاريخ تيمور لنك). والاثنان من تأليف مرتضى آل نظمي. وطبع فيها ترجمة (صحاح الجوهري) المعروف ب (وآن قولي). و(فرهنك شعوري) في اللغة الفارسية وهو من أجل الآثار. و(تواريخ الدولة العثمانية) لمؤرخين رسميين وكل هذه لها علاقة بوقائع العراق ، وتهم في المعرفة. أوضحت ذلك في (تاريخ الطباعة والمطبوعات) وفي (تاريخ الأدب التركي في العراق).
وكل ما أقوله هنا إن الطباعة سهلت نشر العلوم والآداب. وفي هذا تقوية للثقافة. والظاهرة الأخيرة فيها أنها صارت تطبع الآثار النفيسة المفيدة لثقافة الأمة. ولا تكون الكتب السخيفة موضوع البحث إلا من ناحية ضررها.
والحاصل أن الثقافة تمكنت منا. ولا تزال بعض وثائقها منتشرة أو موجودة بين ظهرانينا. كشفت عن غوامض علمية وأدبية وتاريخية. ولعل في الحوادث المارة ، ما يعين الحالة الأدبية. ولا تزال تحتاج إلى اثارة.