بينهما. ومنها عرفنا أن نظمي ولد في ٤ شهر رمضان سنة ١٠٠٢ ه. ومن أول نشأته مال إلى المعارف كآبائه وأجداده فظهرت مواهبه. وجالس العلماء والأدباء فبرز في النظم كما فاق في التحرير.
وبينا هو في راحة ورغد من العيش إذ فاجأ الناس أمر (بكر صوباشي) وهجوم العجم وقائعهما المؤلمة فغيرت في الوضع فاضطر المترجم أن يترك بغداد ويتزيّا بزي درويش. سكن هو وأمه في كربلاء خشية أن يعرف حاله.
بقي هناك مدة في خفاء حتى جاء حافظ أحمد باشا لاستخلاص بغداد. فوافاه ومدحه بقصيدة. ولما عاد الباشا غير ناجح في مهمته ارتبك أمره. وعرف حاله ، فهاجر إلى الرها وهناك عرفت له مكانته. وبعد مدة سقط من صهوة الجواد فكسرت رجله وبقي عليلا مدة إلا أنه لم يخف حاله. كان اتصل بأشراف البلد وشيوخها وفضلائها قبل أن يصاب ونال مكانة سامية.
وفي أثناء ملازمته لداره بارى (منظومة مجنون ليلى) للشاعر فضولي برواية سمّاها (ناز ونياز) فأضافها إلى ديوانه. اعتاد النظم منذ الصغر. ولما ورد السلطان مراد الرابع مدحه بقصيدة وتمنى له السفر الميمون. وبعد الفتح عام ١٠٥٣ ه عاد بأهله وولده إلى بغداد فحصل على مكانة معروفة ونال بعض المناصب في كتابة الديوان. وفي سنة ١٠٦٦ ه ذهب مع أمه وعياله إلى الحج وزيارة مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم وقبل أن يتوفى ببضع سنوات تتجاوز الخمس ترك الأعمال ولازم العبادة وقراءة القرآن والأوراد إلى أن توفي عام ١٠٧٤ ه.
فالمترجم له اليد الطولى في النظم والنثر. كان فذّا في الفارسية والعربية. يعد فريد عصره. وهو صاحب عرفان وزهد ، وسلوك مقبول ، وتصوف مرغوب فيه ، وله مساع وأعمال فاضلة ... وفي كل أحواله راعى القوانين الشرعية. ولم يحد عنها.