الحرب بينهما وحمي الوطيس فغطى غبار الحرب السماء ، لا تسمع إلا قعقعة السلاح واشتباك الابطال ... دامت الحرب من العصر إلى نصف الليل ... وبالنتيجة ولي فرسان حسين باشا هاربين مذعورين من شدة ما لاقوه فاستولى الوزير على الجزائر وجعلها محط خيامه واتخذ جسرا قرب المنصورية فعبر إلى القرنة وهي بمثابة مفتاح للبصرة وأحاطت بها الجنود من جميع جهاتها فحاصروها.
وهناك نصبوا خيامهم وتأهبوا للحرب. ولكن كما سبق القول لا توجد مدافع حصار كافية لهدم القلاع. بعث الوزير إلى بغداد أن ترسل إليه مدافع لهدمها إلّا أنه لم يقف عند هذا الحد وإنما بادر بالهجوم بما عنده لأنه رأى أن العدو قد تكاثر مدده والمطاولة لا تفيده فاشتبك القتال بين الجمعين ورتب ما لديه من المدافع للهجوم على القلعة.
أما حسين باشا فإنه أرسل ابنه إلى العجم واستمد بهم. لجأ طالبا المعونة فأمدوه بعسكر يحسن الرمي ويقدر على المقارعة ... وكذا جمّع من الجزائر نحو خمسة آلاف من الرماة وألفين أو ثلاثة آلاف من سكبانية الروم. وملأ السفن العائدة للتجار من الأموال العائدة لهم فضبطها وربطها في ميناء القرنة تأهبا للطوارىء وللاستعانة بها عند الحاجة وارجع التجار إلى ميناء البصرة (١).
حالة البصرة :
ولما وصل هؤلاء التجار إلى البصرة وجدوها خالية من حاكم وأنها في هرج ومرج وحينئذ راجع هؤلاء الوزير بالاتفاق مع المشايخ (٢)
__________________
(١) كلشن خلفا ص ٩٥ ـ ١.
(٢) آل باش أعيان. كانوا يسمون بهذا الاسم (المشايخ) لأن صفة المشيخة غالبة عليهم. ويقال لهم (الكواوزة) أو (الكوّازيون). ذكر لي الأستاذ المرحوم الشيخ ياسين من رجال الاسرة أنهم من أولاد الأمير محمد بن الحسن المستضيء بأمر الله العباسي. ولقبوا في العهد العثماني بلقب أحد أجدادهم (باش أعيان). ونشر