فلا نعلم أحدا أدخل على قومه ما أدخلت على قومك ، شتمت الآلهة ، وعبت الدين وسفهت الأحكام ، وفرقت الجماعة ، فإن كنت جئت بهذا لتطلب مالا أعطيناك ، وإن كنت تطلب الشرف سوّدناك علينا ، وإن كانت علّة غلبت عليك طلبنا لك الأطباء.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ليس شيء من ذلك ، بل بعثني الله إليكم رسولا ، وأنزل كتابا ، فإن قبلتم ما جئت به فهو حظكم في الدنيا والآخرة ، وإن تردّوه أصبر حتى يحكم الله بيننا».
قالوا : فإذن ليس أحد أضيق بلدا منّا فاسأل ربّك أن يسيّر هذه الجبال ، ويجري لنا أنهارا كأنهار الشام والعراق ، وأن يبعث لنا من مضى وليكن فيهم قصيّ فإنّه شيخ صدوق لنسألهم عمّا تقول أحق أم باطل.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما بهذا بعثت».
قالوا : فإن لم تفعل ذلك فاسأل ربّك أن يبعث ملكا يصدقك ويجعل لنا جنات وكنوزا وقصورا من ذهب.
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما بهذا بعثت ، وقد جئتكم بما بعثني الله به ، فإن قبلتم وإلّا فهو يحكم بيني وبينكم».
قالوا : فأسقط علينا السماء كما زعمت ، إن ربّك إن شاء فعل ذلك.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ذاك إلى الله إن شاء فعل».
وقال قائل منهم : لا نؤمن حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا.
فقام النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وقام معه عبد الله بن أبي أمية المخزومي ابن عمته عاتكة بنت عبد المطلب ، فقال : يا محمّد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله ، ثمّ سألوك لأنفسهم أمورا فلم تفعل ، ثمّ سألوك أن تعجّل ما تخوفهم به فلم تفعل ، فو الله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ سلّما إلى السماء ثمّ ترقى فيه وأنا أنظر ، ويأتي معك نفر من الملائكة يشهدون لك ، وكتاب يشهد لك.