علامة تدل على شيء معين تسمّى أثرا.
إنّ الاستفادة من هذا التعبير في الآيات أعلاه تشير إلى ملاحظة لطيفة ، وهي أنّ الإنسان قد يغادر في بعض الأحيان مكانا ما ، ولكنّ آثاره ستبقى بعده ، وتزول إذا طال زمن المغادرة. فالآية تريد أن تقول : أنّك على قدر من الحزن والغم ولعدم إيمانهم بحيث تريد أن تهلك نفسك من شدّة الحزن قبل أن تمحى آثارهم.
ويحتمل أن يكون الغرض من الآثار أعمالهم وتصرفاتهم.
رابعا : استخدام كلمة (حديث) للتعبير عن القرآن ، هو إشارة إلى ما ورد من معارف جديدة في هذا الكتاب السماوي الكبير ، يعني أنّ هؤلاء لم يفكروا في أن يستفيدوا ويبحثوا في هذا الكتاب الجديد ذي المحتويات المستجدّة. وهذا دليل على عدم المعرفة ، بحيث أنّ الإنسان بقدر قربه من هذا الكتاب ، إلّا أنّه لا يلتفت إليه.
خامسا : صفة الإشفاق لدى القادة الإلهيين.
نستفيد من الآيات القرآنية وتأريخ النبوات ، أنّ القادة الإلهيين كانوا يتألمون أكثر ممّا نتصور لضلال الناس ، وكانوا يريدون لهم الإيمان والهداية. ويألمون عند ما يشاهدون العطاشى جالسين بجوار النبع الصافي ، ويأنون من شدّة العطش ، الأنبياء يبكون لهم ويجهدون أنفسهم ليلا ونهارا ، ويبلغون سرّا وجهارا ، وينادون في المجتمع من أجل هداية الناس. إنّهم يألمون بسبب ترك الناس للطريق الواضح الى الطرق المسدودة ، هذا الألم يكاد يوصلهم في بعض الأحيان إلى حدّ الموت. ولو لم يكن القادة بهذه الدرجة من الاهتمام لما انطبق عليهم المفهوم العميق للقائد.
وبالنسبة لرسول الهدى صلىاللهعليهوآلهوسلم كانت تصل به حالة الحزن والشفقة إلى مرحلة خطرة على حياته بحيث أنّ الله تبارك وتعالى يسلّيه.
في سورة الشعراء نقرأ في الآيتين (٣ ، ٤) قوله تعالى (لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا