أمّا «الرقيم» ففي الأصل مأخوذة من (رقم) وتعني الكتابة (١) ، وحسب اعتقاد أغلب المفسّرين فإنّ هذا هو اسم ثان لأصحاب الكهف ، لأنّه في النهاية تمت كتابة أسمائهم على لوحة وضعت على باب الغار.
البعض يرى أنّ «الرقيم» اسم الجبل الذي كان فيه الغار.
والبعض الآخر اعتبر ذلك اسما للمنطقة التي كان الجبل يقع فيها.
أمّا بعضهم فقد اعتبر ذلك اسما للمدينة التي خرج منها أصحاب الكهف ، إلّا أنّ المعنى الأوّل أكثر صحة كما يظهر.
أمّا ما احتمله البعض من أنّ أصحاب الرقيم هم مجموعة أخرى غير أصحاب الكهف، وتنقل بعض المرويات قصّة تختص بهم ، فالظاهر أنّ هذا الرّاي لا يتناسب مع الآية، لأنّ ظاهر الآية يدل على أنّ أصحاب الكهف والرقيم كانوا مجموعة واحدة ، لذلك وبعد ذكر العنوانين تذكر السورة قصّة أصحاب الكهف ولا تذكر غيرهم. وهذا بنفسه دليل على الوحدة.
وفي الرّوايات المعروفة الواردة في تفسير نور الثقلين في ذيل الحديث عن الآية ، نرى أنّ الأشخاص الثلاثة الذين دخلوا الغار قد دعوا الله بأخلص ما عملوه لوجهه تعالى أن ينجيهم من محنتهم ، ولكن هذه الرّوايات لا تتحدث عن أصحاب الرقيم بالرغم من أنّ بعض كتب التّفسير قد تعرّضت لهم.
على أية حال يجب أن لا نتردّد في أنّ هاتين المجموعتين (أصحاب الكهف والرقيم) هم مجموعة واحدة ، وأنّ سبب نزول الآيات يعضد هذه الحقيقة.
ثمّ تقول الآيات بعد ذلك : (إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ) وعند ما انقطعوا عن كل أمل توجهوا نحو خالقهم : (فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً) ثم : (وَهَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً). أي أرشدنا إلى طريق ينقذنا من هذا الضيق ويقربنا من
__________________
(١) يقول الراغب في المفردات : إنّ رقم (على وزن زخم) تعني الخط الخشن والواضح ، والبعض اعتبره النقطة في خط. وفي كل الأحوال إنّ (رقيم) تعني الكتاب أو اللوح أو الرسالة التي يكتب فيها شيئا.