ومن جانب آخر كان منظره هو عجيبا للناس وغير مألوف. ملابسه ، كلامه ، شكله كل شيء فيه بدا غريبا للناس ، وقد يكون هذا الوضع قد لفت أنظارهم إليه ، لذا قام بعضهم بمتابعته.
لقد انتهى عجبه عند ما مدّ يده إلى جيبه ليسدّد مبلغ الطعام الذي اشتراه ، فالبائع وقع نظره على قطعة نقود ترجع في قدمها إلى (٣٠٠) سنة ، وقد يكون اسم (دقيانوس) الملك الجبار مكتوبا عليها ، وعند ما طلب منه توضيحا قال له بأنّه حصل عليها حديثا.
وقد عرف الناس تدريجيا من خلال سلسلة من القرائن أنّ هذا الشخص هو واحد من أفراد المجموعة الذين قرءوا عن قصّتهم العجيبة والتأريخية التي وقعت قبل (٣٠٠) سنة ، وأنّ قصّتهم كانت تدور على الألسن في اجتماعات الناس وندواتهم ، وهنا أحسّ الشخص بأنّه وأصحابه كانوا في نوم عميق وطويل.
هذه القضية كان لها صدى كالقنبلة في المدينة ، وقد انتقلت عبر الألسن إلى جميع الأماكن.
قال بعض المؤرّخين : إنّ حكومة المدينة كانت بيد حاكم صالح ومؤمن ، إلّا أنّ استيعاب وفهم قضية المعاد الجسماني وإحياء الموتى بعد الموت كان صعبا جدّا على أفراد ذلك المجتمع ، فقسم منهم لم يكن قادرا على التصديق بأنّ الإنسان يمكن أن يعود للحياة بعد الموت ، إلّا أنّ قصّة أصحاب الكهف أصبحت دليلا قاطعا لأولئك الذين يعتقدون بالمعاد الجسماني.
ولذا فإنّ القرآن يبيّن أنّنا كما قمنا بإنامتهم نقوم الآن بإيقاظهم حتى ينتبه الناس:(وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) ثمّ أضاف تعالى : (وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها).
حيث أنّ هذا النوم الطويل الذي استمرّ لمئات السنين كان يشبه الموت ، وأن إيقاظهم يشبه البعث. بل يمكن أن نقول : إنّ هذه الإنامة والإيقاظ هي أكثر إثارة