آخرون ثمّ انتبهوا ، فقال بعضهم لبعض : كما نمناها هنا فنظروا إلى الشمس قد ارتفعت فقالوا : نمنا يوما أو بعض يوم. ثمّ قالوا لواحد منهم : خذ هذه الورق وادخل في المدينة متنكرا لا يعرفوك فاشتر لنا ، فإنّهم إن علموا بنا وعرفونا قتلونا أو ردّونا في دينهم ، فجاء ذلك الرجل فرأى المدينة بخلاف الذي عهدها ، ورأى قوما بخلاف أولئك لم يعرفهم ولم يعرفوا لغتهم ، ولم يعرف لغتهم ، فقالوا له : من أنت ومن أين جئت ، فأخبرهم فخرج ملك تلك المدينة مع أصحابه ، والرجل معهم حتى وقفوا على باب الكهف ، فأقبلوا يتطلعون فيه فقال بعضهم : هؤلاء ثلاثة ورابعهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم خمسة وسادسهم كلبهم ، وقال بعضهم : هم سبعة وثامنهم كلبهم ، وحجبهم الله عزوجل بحجاب من الرعب فلم يكن أحد يقدم بالدخول عليهم غير صاحبهم فإنّه لمّا دخل عليهم وجدهم خائفين أن يكون صحاب [الملك] «دقيانوس» شعروا بهم ، فأخبرهم صاحبهم أنّهم كانوا نائمين هذا الزمن الطويل ، وأنّهم آية للناس ، فبكوا وسألوا الله تعالى أن يعيدهم إلى مضاجعهم نائمين كما كانوا ، ثمّ قال الملك : «ينبغي أن يبنى هنا مسجد ونزوره ، فإنّ هؤلاء قوم مؤمنون».
وهنا أضاف الإمام عليهالسلام : فلهم في كل سنة نقلة ، نقلتان ، ينامون ستة أشهر على جنبهم الأيمن ، وستة أشهر على جنبهم الأيسر ، والكلب معهم قد بسط ذراعيه بفناء الكهف» (١).
وفي رواية أخرى عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام ورد حديث مفصّل عن قصّة أصحاب الكهف مفاده ما يلي :
لقد كان هؤلاء في الأصل ستة نفر اتّخذهم (ديقيانوس) وزراءه ، فأقام ثلاثة عن يمينه وثلاثة عن يساره ، واتّخذ لهم عيدا في كل سنة مرّة ، فبينا هم ذات يوم في عيد والبطارقة عن يمينه والهراقلة عن يساره ، إذ أتاه بطريق فأخبره أنّ
__________________
(١) نور الثقلين ، ج ٣ ، ص ٢٤٧ ـ ٢٤٨.