الوقت الحاضر (١).
لقد أعلنت الصحف قبل مدّة عن اكتشاف سمكّة منجمدة بين ثلوج القطب الشمالي يعود عمرها إلى آلاف السنين ، كما تبيّن ذلك من طبقات الثلج القشرية ، وبعد أن وضعت السمكّة في ماء معتدل عادت إلى حياتها الطبيعية وبدأت بالحركة وسط دهشة الجميع.
ويتّضح من ذلك أنّ الأجهزة الحياتية لا تتوقف بالكامل في حالات الانجماد ، ولكن في هذه الظروف التي لا يمكن معها ممارسة الحياة الطبيعية يصبح عمل تلك الأجهزة بطيئا للغاية.
ومن مجموع هذه الأحاديث يتبيّن أنّه بالإمكان إيقاف الحياة أو تعويق حركتها بشدة والبحوث العلمية دعمت إمكانية ذلك من جوانب مختلفة. وفي مثل هذه الحالة يصل استهلاك البدن للطعام لدرجة الصفر تقريبا ، وبذا يكفيه المخزون القليل المدّخر في الجسم لإدامة الحياة البطيئة لسنوات طويلة.
ويجب أن لا يفسّر كلامنا هذا بأنّنا نستهدف انكار الجانب الإعجازي في نوم أصحاب الكهف ، بل نريد أن نقرّب الأمر للأذهان من وجهة نظر العلم. إذ من المحتم أنّ نوم أصحاب الكهف لم يكن نوما عاديا كمنامنا في الليل ، لقد كان نومهم ذا جنبة استثنائية، لذلك فلا عجب في نوم هؤلاء هذه المدّة الطويلة (بإرادة الله) من دون أن يكونوا بحاجة إلى الشراب والطعام ، ومن دون أن تتضرّر أجسامهم وأجهزتهم الحيويه.
والطريف في الأمر أنّنا نستفيد من آيات سورة الكهف أنّ طبيعة نومهم كانت تختلف عن النوم العادي : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ ... لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً) (٢). إنّ هذه الآية تدل على أن نومهم لم
__________________
(١) مجلة «دانشمند» ، عدد ٤٧ ، ص ٤.
(٢) الكهف ، ١٨.