المستعدة الكامنة في الأرض المستعدّة بدورها ، لتبدأ حركتها التكاملية.
إنّ الطبقة الخارجية السميكة للبذور تلين قبال المطر ، وتسمح للبراعم في الخروج منها، وأخيرا تشق هذه البراعم التراب وتخترقه ، الشمس تشع ، النسيم يهب ، المواد الغذائية في الأرض تقدّم ما تستطيع ، تتقوى البراعم بسبب عوامل الحياة هذه ثمّ تواصل نموها ، بحيث ـ بعد فترة ـ نرى أن نباتات الأرض تتشابك فيما بينها : (فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ).
الجبل والصحراء يتحولان إلى قوّة حياتية دافعة ، أمّا البراعم والفواكه والأوراد فإنّها تزيّن الأغصان ، وكأنّ الجميع يضحك ، يصرخون صراخ الفرح ، يرقصون فرحا!
لكن هذا الواقع الجذّاب لا يدوم طويلا ، حيث تهب رياح الخريف وتلقي بغبار الموت على النباتات ، يبرد الهواء ، وتشح المياه ، ولا تمضي مدّة حتى يمسى ذلك الزرع الجميل الأخضر ذو الأغصان المورقة ، ميتا ويابسا : (فَأَصْبَحَ هَشِيماً) (١).
تلك الأوراق التي لم تتمكن العواصف الهوجاء من فصلها عن الأغصان في فصل الربيع ، قد أصبحت ضعيفة بدون روح بحيث أنّ أي نسيم يهب عليها يستطيع فصلها عن الأغصان ويرسلها إلى أي مكان شاء : (تَذْرُوهُ الرِّياحُ) (٢).
نعم : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً).
الآية التي بعدها تذكر وضع المال والثروة والقوة الإنسانية اللذين يعتبران ركنين أساسيين في الحياة الدنيا ، حيث تقول : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا).
إنّ هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تشير إلى أهم قسمين في رأسمال الحياة حيث ترتبط الأشياء الأخرى بهما ، إنّها تشير إلى (القوّة الاقتصادية) و (القوّة الإنسانية)
__________________
(١) «هشيم» من «هشم» بمعنى محطّم ، وهي هنا تطلق على النباتات المتيبسة والمتحطّمة.
(٢) «تذروه» من «ذرو» وتعني التشتيت.