لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً) (١).
وهذه الآية تشبه الآيات (٤٢ ـ ٤٥) من سورة الحج التي تقول : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَثَمُودُ ...) إلى آخر الآيات.
ويحتمل في تفسير الآية أنّ الله تبارك وتعالى يريد أن يقول : إنّ عمل الأنبياء لا يقوم على الإجبار والإكراه ، بل إنّ مسئوليتهم التبشير والإنذار ، والقرار النهائي مرتبط بنفس الناس كي يفكروا بعواقب الكفر والإيمان معا ، وحتى يؤمنوا عن تصميم وإرادة وبيّنة ، لا أن يلجأوا إلى الإيمان الاضطراري عند نزول العذاب الإلهي.
لكن ، مع الأسف أن يساء استخدم حرية الإختيار هذه والتي هي وسيلة لتكامل الإنسان ورقيّه ، عند ما يقوم أنصار الباطل بالجدال في مقابل أنصار الحق ، إذ يريدون القضاء على الحق عن طريق الاستهزاء أو المغالطة. ولكن هناك قلوبا مستعدة لقبول الحق دوما والتسليم له ، وإنّ هذا الصراع بين الحق والباطل كان وسيبقى على مدى الحياة.
* * *
__________________
(١) (يدحضوا) مشتقة من (إدحاض) بمعنى الإبطال والإزالة ، وهي في الأصل مأخوذة من كلمة (دحض) بمعنى الانزلاق.