أمّا الراغب الأصفهاني في كتاب المفردات فيقول : «الزعم حكاية قول يكون مظنّة للكذب». لذا فإنّ هذه الكلمة وردت مذمومة في جميع الموارد التي ذكرت في القرآن الكريم.
أمّا كلمة (كشف) ففي الأصل تعني إبعاد الستار أو اللباس أو ما شابهه عن شي معين. وإذا استخدمت في تعبير (كشف الضر) فتعني إبعاد الحزن والغم والمرض ؛ والسبب في ذلك أنّ هذه الأمور تعتبر كالستار التي يغطي وجه الإنسان وجسمه ، إذ تغطي الوجه الحقيقي الذي هو عبارة عن السلامة والراحة والهدوء ، لذلك فإنّ إزالة هذا الغم والحزن يعتبر (كشفا للضر).
من الضروري أيضا الالتفات هنا إلى ملاحظة مهمّة هي أنّ استخدام تعبير «الذين» في هذه الآية لا يشمل جميع المعبودات التي يشركها الإنسان مع الله (كالأصنام وغيرها) بل يشمل الملائكة والمسيح وأمثالهم ، لأنّ (الذين) في اللغة العربية هي اسم إشارة يستخدم عادة للعاقل.
بعد ذلك تؤكّد الآية التالية على ما ذكرناه في الآية السّابقة ، فتقول : هل تعلمون لماذا لا يستطيع الذين تدعونهم من دون الله أن يحلّوا مشاكلكم ، أو أن يجيبوا لكم طلباتكم بدون إذن الله سبحانه وتعالى؟
الآية تجيب على ذلك بأنّ هؤلاء أنفسهم يذهبون إلى بيت الله ، ويلجأون للتقرب من الذات الإلهية المقدّسة لقضاء حوائجهم وحل مشاكلهم وتحقيق ما يريدونه : (أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ ... أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ... وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ ... وَيَخافُونَ عَذابَهُ ... إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ كانَ مَحْذُوراً).
في تفسير قوله تعالى (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) لمفسري القرآن العظيم آراء مختلفة في ذلك ، نحاول استعراضها فيما يلي :
ذهب بعض كبار مفسري الإسلام إلى : أنّ التعبير القرآني يشير إلى أنّ أولياء الله يذهبون إلى الملائكة والأنبياء (الذين يعبدهم المشركون من دون الله) ، أيّهم