والجزاء والقيامة ، والآية الأخيرة هي خلاصة لمجموع ما ورد في السورة ، التي اشتملت في قسم مهم منها على الأصول الثلاثة الآنفة باعتبارها محاور للسورة.
ولأنّ قضية النبوة قد اقترنت مع أشكال من الغلو والمبالغة على طول التأريخ ، لذا فإنّ الآية تقول : (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ).
وهذا التعبير القرآني نسف جميع الامتيازات المقرونة بالشرك التي تخرج الأنبياء من صفة البشرية إلى صفة الألوهية.
ثمّ تشير الآية إلى قضية التوحيد من بين جميع القضايا الأخرى في والوحي الالهي حيث تقول : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).
أمّا لماذا تمت الإشارة إلى هذه القضية؟ فذلك لأنّ التوحيد هو خلاصة جميع المعتقدات ، وغاية كل البرامج الفردية والاجتماعية التي تجلب السعادة للإنسان.
وفي مكان آخر ، أشرنا إلى أنّ التوحيد ليس أصلا من أصول الدين وحسب ، وإنّما هو خلاصة لجميع أصول وفروع الإسلام.
لو أردنا ـ على سبيل المثال ـ أن نشبّه التعليمات الإسلامية من الأصول والفروع على أنّها قطع من الجواهر ، عندها نستطيع أن نقول : إنّ التوحيد هو السلك والخيط الذي يربط جميع هذه القطع إلى بعضها البعض ليتشكّل من المجموع قلادة جميلة وثمينة.
وإذا أردنا أن نشبّه التعليمات الإسلامية أصولا وفروعا بأعضاء الجسم ، فإنّ التوحيد سيكون روح الإنسان التي تهب الحياة لكافة الأعضاء.
وقد أثبتنا في بحوثنا حول المعاد والنبوة أنّ هذين الأصلين لا ينفصلان عن التوحيد. يعني : عند ما نعرف الخالق بجميع صفاته ، فإنّنا نعلم أنّ مثل هذا الخالق يجب أن يرسل الأنبياء ، وتقتضي حكمته وعدالته أن توجد محكمة عادلة وأن يكون هناك بعثا.