الهادي ، والياء إشارة إلى الولي ، والعين إشارة إلى العالم ، والصاد إشارة إلى صادق الوعد(١).
الثّانية : تفسر هذه الحروف المقطعة بحادثة ثورة الإمام الحسين عليهالسلام في كربلاء ، فالكاف إشارة إلى كربلاء ، والهاء إشارة إلى هلاك عترة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والياء إشارة إلى يزيد، والعين إشارة إلى مسألة العطش ، والصاد إشارة إلى صبر وثبات الحسين وأصحابه المضحين(٢).
وكما قلنا مرارا ، فإن لآيات القرآن أنوار معان مختلفة ، وتبيّن أحيانا مفاهيم من الماضي والمستقبل ، ومع تنوعها واختلافها فإنّه لا يوجد تناقض بينها ، في حين أننا إذا حصرنا المعنى وفسّرناه تفسيرا واحدا ، فمن الممكن أن نبتلى بإشكالات من ناحية وضع وسبب نزول الآية وزمانه.
وبعد ذكر الحروف المقطعة ، تشرع الكلمات الأولى من قصّة زكريا عليهالسلام فتقول:(ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) (٣). وفي ذلك الوقت الذي كان زكريا عليهالسلام مغتما ومتألما فيه من عدم إنجاب الولد ، توجه إلى رحمة ربّه : (إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) بحيث لم يسمعه أحد ، وذكر في دعائه وهن وضعف العظام باعتبارها عمود بدن الإنسان ودعامته وأقوى جزء من اجزائه : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً).
إن تشبيه آثار الكبر بالشعلة التي عمت كل الرأس تشبيه جميل ، لأنّ خاصية شعلة النّار أنّها تتسع بسرعة ، وتلتهم كل ما يحيط بها.
ومن جهة ثانية فإنّ شعلة النّار لها بريق وضياء يجلب الانتباه من بعيد.
ومن ناحية ثالثة ، فإنّ النّار إذا اشتعلت في محل له ، فإنّ الشيء الذي يبقي
__________________
(١) نور الثقلين ، الجزء ٣ ، ص ٣٢٠.
(٢) المصدر السّابق.
(٣) كلمة «ذكر» خبر لمبتدأ محذوف ، وعليه فالتقدير : هذا ذكر رحمة ربّك.