ملكت عليه كل مشاعره وأحاسيسه ، إلى أن قال لها هيروديس يوما : اطلبي منّي كل ما تريدين فسأحققه لك قطعا ، فقالت هيروديا : لا أريد منك إلّا رأس يحيى! لأنّه قد شوّه سمعتي وسمعتك ، وقد أصبح كل الناس يعيروننا ، فإنّ كنت تريد أن يهدأ قلبي ويسر خاطري فيجب أن تقوم بهذا العمل!
فسلّم هيروديس ـ الذي أصبح مجنونا لا يعقل من عشق هذه المرأة ـ لما أرادت من دون أن يفكر ويتنبه إلى عاقبة هذا العمل ، ولم يمض قليل من الزمن حتى أحضر رأس يحيى عند تلك المرأة الفاجرة ، إلّا أنّ عواقب هذا العمل الشنيع قد أحاطت به ، وأخذت بأطرافه في النهاية (١).
ونقرأ في الرّوايات أن سيد الشهداء الإمام الحسين عليهالسلام كان يقول : «إنّ من هو ان الدنيا أن يهدى رأس يحيى بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل» أي إن ظروفي تشابه من هذه الناحية ظروف وأحوال يحيى ، لأنّ أحد أهداف ثورتي محاربة الأعمال المخزية لطاغوت زماني يزيد.
* * *
__________________
(١) يستفاد من بعض الأناجيل وقسم من الرّوايات أنّ هيروديس قد تزوج امرأة أخيه ، وقد كان هذا الزواج ممنوعا في قانون التوراة ، وقد لامه يحيى على هذا العمل بشدّة ، ثمّ أن تلك المرأة حملت هيروديس على قتل يحيى بإغرائه بجمال بنتها. إنجيل متى باب ١٤ ، إنجيل مرقس باب ٦ ، الفقرة ١٧ وما بعدها.