عقيدتها.
فذهب البعض : إنّ المسيح هو الله الذي نزل إلى الأرض! فأحيى جماعة ، وأمات أخرى ، ثمّ صعد إلى السماء!
وقال البعض الآخر : إنّه ابن الله!
ورأى آخرون : إنّه أحد الأقانيم الثلاثة ـ الذوات الثلاثة المقدسة ـ الأب والابن وروح القدس ، الله الأب ، والله الابن وروح القدس.
وآخرون قالوا : إنّه ثالث ثلاثة : فالله معبود ، وهو معبود ، وأمّه معبودة!
وأخيرا قال البعض : إنّه عبد الله ورسوله.
وقال آخرون أقوالا أخرى ، ولم تتفق الآراء على أي من هذه العقائد ، وكان أكبر عدد من الأصوات حازت عليه عقيدة من العقائد المذكورة آنفا هو (٣٠٨) فرد ، وقبله الإمبراطور كرأي حصل على أكثرية نسبية ، ودافع عنه باعتباره الدين الرسمي ، وطرح الباقي جانبا ، أمّا عقيدة التوحيد فقد بقيت في الأقلية لقلّة ناصريها مع الأسف (١).
ولما كان الانحراف عن أصل التوحيد يعتبر أكبر انحراف للمسيحيين ، فقد رأينا كيف أن الله قد هدد هؤلاء في ذيل الآية بأنّهم سيكون لهم مصير مؤلم مشؤوم في يوم القيامة ، في ذلك المشهد العام ، وأمام محكمة الله العادلة (٢).
ثمّ تبيّن الآية التالية وضع أولئك في عرصات القيامة ، فتقول عند ما يقدمون علينا يوم القيامة فسوف تكون لهم اسماع قوية وابصار حادّه فيسمعون ويرون جميع الحقائق التي كانت خافية عليهم في هذه الدنيا ، ولكن الظالمين اليوم ، أي في هذه الدنيا غافلون عن هذه العاقبة : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا لكِنِ
__________________
(١) تفسير في ظلال القرآن ، ج ٥ ، ص ٤٣٦ ، بتصرف.
(٢) يمكن أن يكون (مشهد) مصدرا ميميا بمعنى الشهود ، أو أن يكون اسم مكان أو زمان بمعنى محل أو زمن الشهود ، وبالرغم من اختلاف هذه المعاني ، إلّا أنّها لا تختلف كثيرا من ناحية النتيجة.