إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأصح كما يبدو ، خاصّة وأنّه قد روي في حديث عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير جملة (إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ) أنّه قال : «أي قضي على أهل الجنّة بالخلود فيها ، وقضي على أهل النّار بالخلود فيها» (١).
ثمّ تحذر الآية الأخيرة ـ من آيات البحث ـ كل الظالمين والجائرين ، وتذكرهم بأن هذه الأموال التي تحت تصرفهم الآن ليست خالدة ، كما أن حياتهم ليست خالدة ، بل إنّ الوارث الأخير لكل شيء هو الله سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ). (٢)
إن هذه الآية ـ في الحقيقة ـ تتناغم مع الآية ١٦ / سورة المؤمن ، والتي تقول:(لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) فإذا آمن شخص واعتقد بهذه الحقيقة ، فلما ذا يبيح التعدي والظلم وسحق الحقيقة ، وهضم حقوق الناس ، أمن أجل الأموال واللذائذ المادية التي أودعت في أيدينا لعدّة أيّام وستخرج من أيدينا بسرعة؟
* * *
__________________
(١) مجمع البيان ، ذيل الآية أعلاه.
(٢) هل أن هذه الآية إشارة إلى القيامة ، أو إلى زمان فناء الدنيا ، فإن كانت إشارة إلى القيامة ، فإنّها لا تناسب ظاهرا جملة (وَإِلَيْنا يُرْجَعُونَ) وإن كانت إشارة إلى زمان فناء الدنيا ، فإنّها لا تناسب جملة (وَمَنْ عَلَيْها) لأنّه لا يوجد أي حي عند فناء الدنيا حتى يصدق عليه تعبير (من عليها) وربّما فسّر بعض المفسّرين ـ كالعلّامة الطباطبائي ـ هذه الجملة هكذا : إنا نحن نرث عنهم الأرض ، لهذا السبب. إلا أن هذا التّفسير أيضا يخالف الظاهر قليلا لأن (وَمَنْ عَلَيْها) عطفت بالواو.
وهنا ـ أيضا ـ احتمال آخر ، وهو أن مفعول (نَرِثُ) تارة يكون الشخص الذي يترك الأموال، مثل: (وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ) ، وتارة أخرى الأموال التي بقيت للإرث ، مثل : (نَرِثُ الْأَرْضَ) وفي الآية أعلاه ورد كلا التعبيرين.