الْمُخْلَصِينَ) (١).
٢ ـ (وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا) فحقيقة الرسالة أن تلقى مهمّة على عاتق شخص ، وهو مسئول عن أدائها وإبلاغها ، وهذا المقام كان لجميع الأنبياء المأمورين بالدعوة.
إن ذكر كونه «نبيّا» هنا إشارة إلى علو مقام ورفعة شأن هذا النّبي العظيم ، لأنّ هذه اللفظة في الأصل مأخوذة من (النّبوة) على وزن (نغمة) وتعني رفعة المقام وعلوه. ولها ـ طبعا ـ أصل آخر من (نبأ) بمعنى الخبر ، لأنّ النّبي يتلقى الخبر الإلهي ، ويخبر به الآخرين ، إلّا أن المعنى الأوّل هو الأنسب هنا.
٣ ـ وأشارت الآية التالية إلى بداية رسالة موسى ، فقالت : (وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ) ففي تلك الليلة المظلمة الموحشة ، حيث قطع موسى صحارى مدين متوجها إلى مصر ، أخذ زوجته الطلق وألم الولادة ، وكان البرد شديدا ، فكان يبحث عن شعلة نار، وفجأة سطع نور من بعيد ، وسمع نداء يبلغه رسالة الله ، وكان هذا أعظم وسام وألذ لحظة في حياته.
٤ ـ إضافة إلى ذلك (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) (٢) فإنّ النداء كان موهبة ، والتكلم موهبة أخرى.
٥ ـ وأخيرا (وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا) ليكون معينه ونصيره.
* * *
__________________
(١) سورة ص ، ٨٢ ـ ٨٣.
(٢) «النجي» بمعنى المناجي ، أي الشخص الذي يهمس في أذن الآخر ، وهنا ينادي الله موسى من بعيد ، ولما اقترب ناجاه. ومن المعلوم أن الله سبحانه ليس له لسان ولا مكان ، بل يوجد الأمواج الصوتية في الفضاء ، ويتكلم مع عبد كموسى.