القيام بالأعمال التي تجلب رضى الله سبحانه من صفات هذا النّبي العظيم.
وتؤكّد الآيتان على الوفاء بالعهد ، والاهتمام بتربية العائلة ، وتشيران إلى الأهمية الخاصّة لهذين التكليفين ، اللذين ذكر أحدهما قبل النّبوة والأخر بعدها مباشرة.
إنّ الإنسان ـ في الواقع ـ ما لم يكن صادقا ، فمن المستحيل أن يصل إلى مقام الرسالة السامي ، لأنّ أوّل شرط لهذه الرتبة أن يبلغ الوحي الإلهي إلى العباد بدون زيادة أو نقصان ، ولذلك فحتى الأفراد المعدودون الذين ينكرون عصمة الأنبياء في بعض الأحوال ، فإنّهم اعترفوا وأقروا بأنّ مسألة صدق النّبي شرط أساسي ، الصدق في الأخبار ، وفي الوعود، وفي كل شيء.
ونقرأ في رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام : «إنّما سمّي إسماعيل صادق الوعد ، لأنّه وعد رجلا في مكان فانتظره في ذلك المكان سنة ، فسمّاه الله عزوجل صادق الوعد. ثمّ قال:إنّ الرجل أتاه بعد ذلك فقال له إسماعيل : ما زلت منتظرا لك» (١).
من البديهي أنّه ليس المراد أنّ إسماعيل قد ترك عمله وأمور حياته ، بل المراد أنّه في الوقت الذي كان يمارس أعماله كان يراقب مجيء الشخص المذكور. وقد بحثنا في مجال الوفاء بالعهد بصورة مفصلة في ذيل أوّل آية من سورة المائدة.
ومن جهة أخرى فإنّ المرحلة الأولى لتبليغ الرسالة هي الشروع من عائلة المبلغ الذين هم أقرب الناس إليه ، ولهذا فإنّ نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم بدأ دعوته أيضا بزوجته الغالية خديجة عليهاالسلام ، وابن عمّه علي عليهالسلام ، ثمّ وحسب أمر (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (٢) توجه إلى أقربائه.
وفي الآية (١٣٢) من سورة طه نقرأ أيضا : (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ
__________________
(١) أصول الكافي ، ج ٢ ، ص ٨٦.
(٢) سورة الشعراء ، ٢١٤.