الخبر الذي ...؟
ثمّ تقول : (إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً) فبملاحظة أن «القبس» يعني الشعلة القليلة التي تؤخذ من النار ، وبملاحظة أن مشاهدة النار في الصحاري تدل عادة على أن جماعة قد اجتمعوا حولها ، أو أنّهم وضعوها على مرتفع حتى لا تضل القوافل الطريق في الليل ، وأيضا بملاحظة أن «مكثوا» ـ من مادة مكث ـ تعني التوقف القصير ، فمن مجموع هذه التعابير يستفاد أن موسى وزوجته وابنه كانوا يقطعون الصحراء في ليلة ظلماء .. ليلة كانت مظلمة وباردة كان موسى قد ضل الطريق فيها ، فجلبت انتباهه شعلة نار من بعيد ، وبمجرد رؤيتها قال لأهله : قفوا هنا قليلا فقد رأيت نارا سأذهب إليها حتى آتيكم منها بقبس ، أو أجد الطريق بواسطة النار أو من اجتمع حولها.
ونقرأ في التواريخ أنّ موسى عليهالسلام عند ما انتهت مدّة عقده مع «شعيب» في «مدين» ، حمل زوجته وابنه وأغنامه وسار من مدين إلى مصر ، فضلّ الطريق ، وكانت ليلة مظلمة ، فتفرقت أغنامه في الصحراء ، فأراد أن يشعل نارا في ذلك الليل البارد ليتدفأ هو وأهله ، وحاول إشعال النار فلم يفلح ، وفي هذه الأثناء عصفت بزوجته آلام الوضع!
لقد حاصره سيل من الحوادث الصعبة .. وفي هذه الأثناء لاح لعينيه ضياء من بعيد، إلّا أنّه لم يكن نارا ، بل كان نورا إلهيا ، وظن موسى أنّه نار ، فسعى نحوها علّه يجد من يهديه في تلك الصحراء إلى الطريق ، أو يأخذ لأهله جذوة منها (١).
والآن لنسمع بقية الحادثة من القرآن الكريم :
(فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً). ويستفاد من الآية (٣٠) من سورة القصص ، أن موسى قد سمع هذا النداء
__________________
(١) مجمع البيان ، ذيل الآية مورد البحث.